ثم قام الحارث بن هشام فقال: إن يكن الأنصار تبوأت الدار والايمان من قبل، ونقلوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى دورهم من دورنا فآووا ونصروا، ثم ما رضوا حتى قاسمونا الأموال وكفونا العمل، فإنهم قد لهجوا بأمر إن ثبتوا عليه فإنهم قد خرجوا مما وسموا به، وليس بيننا وبينهم معاتبة إلا السيف، وإن نزعوا عنه فقد فعلوا الأولى بهم والمظنون معهم.
ثم قام عكرمة بن أبي جهل، فقال: والله لولا قول رسول الله صلى الله عليه وآله: (الأئمة من قريش) ما أنكرنا إمرة الأنصار، ولكانوا لها أهلا، ولكنه قول لا شك فيه ولا خيار، وقد عجلت الأنصار علينا، والله ما قبضنا عليهم الامر ولا أخرجناهم من الشورى وأن الذي هم فيه من فلتات الامورى، ونزغات الشيطان، وما لا يبلغه المنى، ولا يحمله الامل، أعذروا إلى القوم فإن أبوا فقاتلوهم، فوالله لو لم يبق من قريش كلها إلا رجل واحد ليصر الله هذا الامر فيه.
قال: وحضر أبو سفيان بن حرب فقال:
يا معشر قريش، إنه ليس للأنصار أن يتفضلوا على الناس حتى يقروا بفضلنا عليهم، فإن تفضلوا فحسبنا حيث انتهى بها، وإلا فحسبهم حيث انتهى بهم، وأيم الله لئن بطروا المعيشة وكفروا النعمة لنضربنهم على الاسلام كما ضربوا عليه، فأما علي بن أبي طالب فأهل والله أن يسود على قريش وتطيعه الأنصار.
فلما بلغ الأنصار قول هؤلاء الرهط، قام خطيبهم ثابت بن قيس بن شماس فقال:
يا معشر الأنصار، إنما يكبر عليهم هذا القول لو قاله أهل الدين من قريش، فأما إذا كان من أهل الدنيا لا سيما من قوم كلهم موتور، فلا يكبرن عليكم إنما الرأي والقول مع الأخيار المهاجرين، فإن تكلمت رجال قريش