وإن كانوا لم يسمعوها فماا هم كالمهاجرين، ولا سعد كأبي بكر، ولا المدينة كمكة، ولقد قاتلونا أمس فغلبونا على البدء، ولو قاتلناهم اليوم لغلبناهم على العاقبة، فلم يجبه أحد، وانصرف إلى منزله وقد ظفر، فقال:
ألا قل لأوس إذا جئتها * وقل إذا ما جئت للخزرج (1) تمنيتم الملك في يثرب * فأنزلت القدر لم تضج وأخدجتم الامر قبل التما * م وأعجب بذا المعجل المخدج (2) تريدون نتج الحيال العشا... * ر ولم تلقحوه فلم ينتج عجبت لسعد وأصحابه * ولو لم يهيجوه لم يهتج رجا الخزرجي رجاء السراب * وقد يخلف المرء ما يرتجي فكان كمنح على كفه * بكف يقطعها أهوج فلما بلغ الأنصار مقالته وشعره، بعثوا إليه لسانهم وشاعرهم النعمان بن العجلان، وكان رجلا أحمرا قصيرا، تزدريه العيون، وكان سيدا فخما فأتى عمر وهو في جماعة من قريش، فقال:
والله يا عمر ما كرهتم من حربنا إلا ما كرهنا من حربكم وما كان الله ليخرجكم من الاسلام بمن أدخلكم فيه، إن كان النبي صلى الله عليه وآله قال: (الأئمة من قريش)، فقد قال: (لو سلك الناس شعبا، وسلك الأنصار شعبا، لسلكت شعب الأنصار)، والله ما أخرجناكم من الامر إذ قلنا: منا أمير ومنكم أمير، وأما من ذكرت، فأبو بكر لعمري خير من سعد، لكن سعدا في الأنصار أطوع من أبي بكر في قريش، فأما المهاجرون والأنصار، فلا فرق بينهم أبدا، ولكنك يا ابن العاص، وترث بني عبد مناف بمسيرك إلى الحبشة لقتل