كنت غادرا. فقال له عمرو: ألا أبعث إليك بفارس يواقفك؟ فقال له عوف:
ما أنا بالمستوحش فابعث بأشقى أصحابك! قال عمرو: فأيكم يسر إليه؟ فسار إليه أبو الأعور.
فلما تواقفا تعارفا، فقال عوف لأبي الأعور: إني لأعرف الجسد وأنكر القلب، إني لا أراك مؤمنا وإنك لمن أهل النار. فقال أبو الأعور: لقد أعطيت لسانا يكبك الله به على وجهك في نار جهنم. فقال عوف: كلا! والله إني أتكلم بالحق، وتتكلم أنت بالباطل، وإني أدعوك إلى الهدى وأقاتل أهل الضلالة وأفر من النار، وأنت بنعمة الله ضال تنطق بالكذب وتقاتل على ضلالة وتشتري العقاب بالمغفرة والضلالة بالهدى، انظروا إلى وجوهنا ووجوهكم وسيمانا وسيماكم واسمعوا إلى دعوتنا ودعوتكم فليس أحد منا إلا [و] هو أولى بمحمد صلى الله عليه وآله وأقرب إليه قرابة منكم. قال له أبو الأعور: [لقد] أكثرت الكلام وذهب النهار، ويحك! ادع أصحابك وأدعو أصحابي فأنا جار لك حتى تأتي موقفك أنت فيه الساعة، فإني لست أبدأ بغدر ولا أجترئ على غدر حتى تأتي أنت وأصحابك وحتى تقفوا، فإذا علمت كم هم جئت من أصحابي بعددهم، فإن شاء أصحابك فليقلوا، وإن شاؤوا فليكثروا.
فسار أبو الأعور في مائة فارس حتى إذا كان حيث كنا بالمرة الأولى وقفوا، وسار في عشرة بعمرو. وسار عمار في اثني عشر فارسا حتى إذا اختلفت أعناق الخيل، خيل عمرو وخيل عمار. ورجع عوف بن بشر في خيله وفيها الأشعث بن قيس، ونزل عمار والذين معه فاحتبوا بحمائل سيوفهم. فتشهد عمرو بن العاص.
فقال له عمار بن ياسر: اسكت (بعد هذا الكلام ليس عند ابن عقبة إلى