قال ضرار: فما الدليل عليه؟
قال هشام: ثمان دلالات: أربع في نعت نسبه وأربع في نعت نفسه، فأما الأربع التي وقعت في نعت نسبه: فإنه يكون معروف الجنس، معروف القبيلة، معروف البيت، وأن يكون من صاحب الملة والدعوة إشارة إليه، فلم تر جنسا من هذا الخلق أشهر من جنس العرب الذي منهم صاحب الملة والدعوة الذي ينادى باسمه كل يوم خمس مرات على الصوامع " أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله " تصل دعوته إلى كل بر وفاجر وعالم وجاهل مقرر منك في شرق الأرض وغربها، ولو جاز أن يكون الحجة من الله تعالى على هذا الخلق في غير هذا الجنس لأتى على الطالب المرتاد دهر من عصره لا يجده، ولجاز أن يطلبه في أجناس من هذا الخلق، ولكان من حيث أراد تعالى أن يكون صلاح يكون فساد، ولا يجوز هذا في حكمته تعالى وعدله أن يفرض على الناس فريضة لا توجد، فلما لم يجز ذلك لم يجز أن يكون من غير هذا الجنس لاتصاله بصاحب الملة، ولم يجز من ذلك أن يكون هذا الجنس إلا في هذه القبيلة لقرب نسبها من صاحب الملة وهو قريش.
ولما لم يجز أن يكون هذا الجنس إلا في هذه القبيلة لم يجز أن يكون من هذه القبيلة إلا في هذا البيت لقرب نسبه من صاحب الملة والدعوة، ولما أكثر أهل البيت التشاجر في الإمامة لعلوها وشرفها ادعاها كل واحد، فلم يجز إلا أن يكون إليه إشارة من صاحب الملة والدعوة بعينه واسمه ونسبه، لئلا يطمع فيها غيره.
وأما الأربع التي في نعت نفسه: فأن يكون أعلم الناس كلهم بفرائض الله وسنته وأحكامه حتى لا يخفى عليه منها دقيق ولا جليل، وأن يكون معصوما من الذنوب، كلها وأن يكون أشجع الناس، وأسخى الناس.
فقال عبد الله بن يزيد الأباضي: من أين قلت: إنه أعلم الناس؟