إليه ابن الحنفية: إذا لم يبق أحد من الناس غيري أبايعك.
قال: فأبى ابن الزبير أن يتركه، وأبى ابن الحنفية أن يبايع، وجرى بينهم كلام كثير، فأرسل ابن الزبير إلى نفر من أصحاب ابن الحنفية، فدعاهم، ثم قال لهم: إني أراكم لا تفارقون هذا الرجل، فمن أنتم؟ فإني لا أعرفكم. فقالوا نحن قوم من أهل الكوفة، قال: فما يمنعكم من بيعتي وقد بايعني أهل بلدكم؟
لعله قد غركم هذا المختار الكذاب! فقالوا: يا هذا ما لنا وللمختار؟ إننا لو أردنا أن نكون مع المختار لما قدمنا هذه البلدة، نحن قوم قد اعتزلنا أمور الناس وأتينا هذا الحرم، فنزلناه لكي لا نقتل ولا نقتل ولا نؤذي ولا نؤذى، فنحن هاهنا مقيمون عند هذا الرجل محمد بن علي، فإذا اجتمعت الأمة على رجل واحد دخلنا فيما دخل فيه الناس.
قال: فقال عبد الله بن الزبير: فأنا لا أفارقكم أو تبايعوا طائعين أو مكرهين. قالوا: فإننا لا نبايع أبدا أو نرى صاحبنا هذا قد بايع.
قال: فغضب ابن الزبير، ثم قال: ومن صاحبكم؟ فوالله ما صاحبكم هذا برضى في الدين ولا محمود الرأي ولا راجح العقل ولا لهذا الأمر بأهل!
قال: فقال له رجل من القوم يقال له: " معاذ بن هانئ ": أيها الرجل!
إننا لا ندري ما يقول، ولكنا رأيناه على مثل هدانا وأمرنا وطريقتنا، وقد اعتزل الناس وما هم فيه ونحن قعود بهذا الحرم لكي لا نقتل ولا نؤذى إلى أن يجمع الله أمر الأمة على ما شاء من خلقه، فندخل فيما دخل فيه الأسود والأبيض، فأجبناه على ذلك ولزمنا هداه وطريقته ومذهبه، ومع ذلك فإنه لا يعيش والسلام (1) ولا يكافئ بالسوء ولا يغتاب الغائب ولا يمكر به، ثم إنه قد أمرنا أن نكف أيدينا ولا نسفك دماءنا، ففعلنا ما أمرنا به، ولعمري يا ابن الزبير لئن لم