فقال له ابن زياد: يا فاسق! ألم تكن تشرب الخمر في المدينة؟ فقال مسلم ابن عقيل: أحق والله بشرب الخمر مني من يقتل النفس الحرام وهو في ذلك يلهو ويلعب كأنه لم يسمع شيئا.
فقال له ابن زياد: يا فاسق! منتك نفسك أمرا أحالك الله دونه وجعله لأهله، فقال مسلم بن عقيل: ومن أهله يا ابن مرجانة؟ فقال: أهله يزيد ومعاوية، فقال مسلم بن عقيل: الحمد لله كفى بالله حكما بيننا وبينكم.
فقال ابن زياد لعنه الله: أتظن أن لك من الأمر شيئا؟ فقال مسلم بن عقيل: لا والله ما هو الظن ولكنه اليقين.
فقال ابن زياد: قتلني الله إن لم أقتلك، فقال مسلم: إنك لا تدع سوء القتلة وقبح المثلة وخبث السريرة، والله لو كان معي عشرة ممن أثق بهم وقدرت على شربة من ماء لطال عليك أن تراني في هذا القصر، ولكن إن كنت عزمت على قتلي ولا بد لك من ذلك فأقم علي رجلا من قريش أوصي إليه بما أريد.
فوثب إليه عمر بن سعد بن أبي وقاص، فقال: أوص إلي بما تريد يا ابن عقيل، فقال: أوصيك ونفسي بتقوى الله، فإن التقوى فيها الدرك لكل خير، وقد علمت ما بيني وبينك من القرابة، ولي إليك حاجة، وقد يجب عليك لقرابتي أن تقضي حاجتي. قال: فقال ابن زياد: لا يجب (1) يا ابن عمر أن تقضي حاجة ابن عمك (كذا) وإن كان مسرفا على نفسه، فإنه مقتول لا محالة.
فقال عمر بن سعد: قل ما أحببت يا ابن عقيل، فقال مسلم - رحمه الله -:
حاجتي إليك أن تشتري فرسي وسلاحي من هؤلاء القوم فتبيعه وتقضي عني سبعمائة درهم استدنتها في مصركم، وأن تستوهب جثتي إذا قتلني هذا وتواريني