ربعي الرياحي وصعصعة بن صوحان العبدي، فقال لهما: انطلقا إلى معاوية، فقولا له: إن خيلك قد حالت بيننا وبين الماء، ولو كنا سبقناك لم نحل بينك وبينه، فإن شئت فخل عن الماء حتى نستوي فيه نحن وأنت، وإن شئت قاتلناك عليه حتى يكون لمن غلب وتركنا ما جئنا له من الحرب.
قال: فأقبل شبث، فقال: يا معاوية إنك لست بأحق من هذا الماء منا، فخل عن الماء فإننا لا نموت عطشا وسيوفنا على عواتقنا.
ثم تكلم صعصعة بن صوحان، فقال: يا معاوية إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقول لك: إننا قد سرنا مسيرنا هذا وإني أكره قتالكم قبل الاعذار إليكم، فإنك قدمت خيلك، فقاتلتنا من قبل أن نقاتلك وبدأتنا بالقتال، ونحن من رأينا الكف حتى نعذر إليك ونحتج عليك، وهذه مرة أخرى قد فعلتموها، حلتم بين الناس والماء، وأيم الله لنشربن منه شئت أم أبيت! فامنن إن قدرت عليه من قبل أن نغلب فيكون الغالب هو الشارب.
فقال لعمرو بن العاص: ما ترى أبا عبد الله؟ فقال: أرى أن عليا لا يظمأ وفي يده أعنة الخيل، وهو ينظر إلى الفرات دون أن يشرب منه، وإنما جاء لغير الماء، فخل عن الماء حتى يشرب ونشرب.
قال: فقال الوليد بن عقبة: يا معاوية إن هؤلاء قد منعوا عثمان بن عفان الماء أربعين يوما وحصروه! فامنعهم إياه حتى يموتوا عطشا واقتلهم، قاتلهم الله أنى يؤفكون!
قال: ثم تكلم عبد الله بن سعد بن أبي سرح، فقال: صدق الوليد في قوله فامنعهم الماء، منعهم الله إياه يوم القيامة.
فقال صعصعة: إنما يمنعه الله يوم القيامة الكفرة الفسقة الفجرة مثلك ومثل نظرائك هذا الذي سماه الله في الكتاب فاسقا الوليد بن عقبة الذي صلى بالناس الغداة أربعا وهو سكران، ثم قال: أزيدكم؟ فجلد الحد في الإسلام.