لحصحص الحق، وظهر الصبح لذي عينين.
وقد فرضنا على أنفسنا أن نعالج هذه المسألة بالنظر في أدلة الطائفتين، فنفهمهما فهما صحيحا، من حيث لا نحس إحساسنا المجلوب من المحيط والعادة والتقليد بل نتعرى من كل ما يحوطنا من العواطف والعصبيات، ونقصد الحقيقة من طريقها المجمع على صحته، فنلمسها لمسا، فلعل ذلك يلفت أذهان المسلمين، ويبعث الطمأنينة في نفوسهم، بما يتحرر ويتقرر عندنا من الحق فيكون حدا ينتهي إليه إن شاء الله تعالى.
لذلك قررنا أن يتقدم هو بالسؤال خطا عما يريد، فأقدم له الجواب بخطي على الشروط الصحيحة، مؤيدا بالعقل أو بالنقل الصحيح عند الفريقين.
وجرت بتوفيق الله عز وجل على هذا مراجعاتنا كلها، وكنا أردنا يومئذ طبعها لنتمتع بنتيجة عملنا الخالص لوجه الله عز وجل، ولكن الأيام الجائرة، والأقدار الغالبة اجتاحه العزم على ذلك، " ولعل الذي أبطأ عني هو خير لي ".
وأنا لا أدعي أن هذه الصحف صحف تقتصر على النصوص التي تألفت يومئذ بيننا، ولا أن شيئا من ألفاظ هذه المراجعات خطه غير قلمي، فإن الحوادث التي أخرت طبعها فرقت وضعها أيضا - كما قلنا - غير أن المحاكمات في المسائل التي جرت بيننا موجودة بين هاتين الدفتين بحذافيرها مع زيادات اقتضتها الحال، ودعا إليها النصح والارشاد، وربما جر إليها السياق على نحو لا يخل بما كان بيننا من الاتفاق.
وإني لأرجو اليوم ما رجوته أمس: أن يحدث هذا الكتاب إصلاحا وخيرا، فإن وفق إلى عناية المسلمين به، وإقبالهم عليه فذلك من فضل