يقم ألا من رآه بعينيه وسمعه بأذنيه، فقام ثلاثون صحابيا فيهم اثنا عشر بدريا، فشهدوا أنه أخذه بيده، فقال للناس: أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: نعم، قال صلى الله عليه وآله: من كنت مولاه، فهذا مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه... الحديث (631). وأنت تعلم أن تواطؤ الثلاثين صحابيا على الكذب مما يمنعه العقل، فحصول التواتر بمجرد شهادتهم إذن قطعي لا ريب فيه، وقد حمل هذا الحديث، عنهم كل من كان في الرحبة من تلك الجموع، فبثوه بعد تفرقهم في البلاد، فطار كل مطير. ولا يخفى أن يوم الرحبة إنما كان في خلافة أمير المؤمنين، وقد بويع سنة خمس وثلاثين، ويوم الغدير إنما كان في حجة الوداع سنة عشر، فبين اليومين - في أقل الصور - خمس وعشرون سنة، كان في خلالها طاعون عمواس، وحروب الفتوحات والغزوات على عهد الخلفاء الثلاثة، وهذه المدة - وهي ربع قرن - بمجرد طولها وبحروبها وغاراتها، وبطاعون عمواسها الجارف، قد أفنت جل من شهد يوم الغدير من شيوخ الصحابة وكهولهم، ومن فتيانهم المتسرعين - في الجهاد - إلى لقاء الله عز وجل، ورسوله صلى الله عليه وآله، حتى لم يبق منهم حيا بالنسبة إلى من مات إلا قليل، والأحياء منهم كانوا منتشرين في الأرض إذ لم يشهد منهم الرحبة إلا من كان مع أمير المؤمنين في العراق من الرجال دون النساء، ومع هذا كله فقد قام ثلاثون صحابيا، فيهم اثنا عشر بدريا فشهدوا بحديث الغدير سماعا من رسول الله صلى الله عليه وآله، ورب قوم أقعدهم البغض عن القيام بواجب الشهاد كانس (1) ابن مالك
(٢٦٨)