علي في الحج الأكبر على رؤوس الأشهاد، ولم يكتف بنص الدار يوم الانذار بمكة (628)، ولا بغيره من النصوص المتوالية، وقد سمعت بعضها، فأذن في الناس قبل الموسم أنه حاج في هذا العام حجة الوداع، فوافاه الناس من كل فج عميق، وخرج من المدينة بنحو مئة ألف أو يزيدون (1) فلما كان يوم الموقف بعرفات نادى في الناس: " علي مني، وأنا من علي، ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي (2) " (629) ولما قفل بمن معه من تلك الألوف وبلغوا وادي خم، وهبط عليه الروح الأمين بآية التبليغ عن رب العالمين، حط صلى الله عليه وآله وسلم، هناك رحله، حتى لحقه من تأخر عنه من الناس، ورجع إليه من تقدمه منهم، فلما اجتمعوا صلى بهم الفريضة، ثم خطبهم عن الله عز وجل، فصدع بالنص في ولاية علي، وقد سمعت شذرة من شذوره، وما لم تسمعه أصح وأصرح، على أن فيما سمعته كفاية، وقد حمله عن رسول الله صلى الله عليه وآله، كل من كان معه يومئذ من تلك الجماهير، وكانت تربو على مئة ألف نسمة (630) من بلاد شتى، فسنة الله عز وجل، التي لا تبديل لها في خلقه تقتضي تواتره مهما كانت هناك موانع تمنع من نقله، على أن لأئمة أهل البيت طرقا تمثل الحكمة في بثه وإشاعته.
4 - وحسبك منها ما قام به أمير المؤمنين أيام خلافته، إذ جمع الناس في الرحبة فقال: " أنشد الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يقول يوم غدير خم ما قال، إلا قام فشهد بما سمع، ولا