أهل به رسول الله فأشركه صلى الله عليه وآله بهديه، وفي تلك المرة لم يرجف به مرجف، ولا تحامل عليه مجحف، فكيف يمكن أن يكون الحديث مسببا عما قاله المعترضون؟ أو مسوقا للرد على أحد كما يزعمون.
على أن مجرد التحامل على علي، لا يمكن أن يكون سببا لثناء النبي عليه، بالشكل الذي أشاد به صلى الله عليه وآله، على منبر الحدائج يوم خم، إلا أن يكون - والعياذ بالله - مجازفا في أقواله وأفعاله، وهممه وعزائمه، وحاشا قدسي حكمته البالغة، فإن الله سبحانه يقول: * (إنه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين) * (651) ولو أراد مجرد بيان فضله، والرد على المتحاملين عليه، لقال: هذا ابن عمي، وصهري، وأبو ولدي، وسيد أهل بيتي، فلا تؤذوني فيه، أو نحو ذلك من الأقوال الدالة على مجرد الفضل وجلالة القدر على أن لفظ الحديث (1) لا يتبادر إلى الأذهان منه إلا ما قلناه، فليكن سببه مهما كان، فإن الألفاظ إنما تحمل على ما يتبادر إلى الأفهام منها، ولا يلتفت إلى أسبابها كما لا يخفى. وأما ذكر أهل بيته في حديث الغدير، فإنه من مؤيدات المعنى الذي قلناه، حيث قرنهم بمحكم الكتاب، وجعلهم قدوة لأولي الألباب، فقال: إني تارك فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنما فعل ذلك لتعلم الأمة أن لا مرجع بعد نبيها إلا إليهما، ولا معول لها من بعده إلا عليهما، وحسبك في وجوب اتباع الأئمة من العترة الطاهرة اقترانهم بكتاب الله عز وجل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فكما لا يجوز الرجوع إلى كتاب يخالف في حكمه كتاب الله سبحانه وتعالى، لا يجوز الرجوع إلى إمام يخالف في