وغيره، فأصابتهم دعوة أمير المؤمنين عليه السلام (632)، ولو تسنى له أن يجمع كل من كان حيا يومئذ من الصحابة رجالا ونساء، ثم يناشدهم مناشدة الرحبة، لشهد له أضعاف أضعاف الثلاثين، فما ظنك لو تسنت له المناشدة في الحجاز قبل أن يمضي على عهد الغدير ما مضى من الزمن؟
فتدبر هذه الحقيقة الراهنة تجدها أقوى دليل على تواتر حديث الغدير، وحسبك مما جاء في يوم الرحبة من السنن ما أحرجه الإمام أحمد - من حديث زيد بن أرقم في ص 370 من الجزء الرابع من مسنده - عن أبي الطفيل، قال: " جمع علي الناس في الرحبة، ثم قال لهم: أنشد الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله صلى الله عليه وآله، يقول يوم غدير خم ما سمع لما قام، فقام ثلاثون من الناس (قال) وقال أبو نعيم: فقام ناس كثير، فشهدوا حين أخذه بيده، فقال للناس: أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: من كنت مولاه، فهذا مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، قال أبو الطفيل، فخرجت وكأن في نفسي شيئا - أي من عدم عمل جمهور الأمة بهذا الحديث - فلقيت زيد بن أرقم، فقلت له: إني سمعت عليا يقول: كذا وكذا، قال زيد:
فما تنكر؟ قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يقول ذلك له " ا ه. (633).
قلت: فإذا ضممت شهادة زيد هذه، وكلام علي يومئذ في هذا الموضوع إلى شهادة الثلاثين، كان مجموع الناقلين للحديث يومئذ اثنين وثلاثين صحابيا، وأخرج الإمام أحمد من حديث علي ص 119 من الجزء الأول من مسنده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، " قال: شهدت عليا في الرحبة ينشد الناس، فيقول: أنشد الله من سمع رسول الله يقول يوم غدير