تدل على أن مؤلفها رجل يمتحنه الناس بتلك المشاغل، ويبتلونه بما عندهم من مشاكل، فهي بما فيها من قوة، ومتانة، وغور، ونحت وتفكير، وأدل على اتصاله الدائم بحياته العلمية من جهة، وأدل على فضله وخصوبة سليقته، من جهة أخرى.
بهذا الميزان يرجح علم الرجل وفضله، ثم يرجح به امتياز ما كتب، وهو امتياز قليل النظير، فإن المؤلفين المكثرين، كثيرا ما تظهر عليهم السطحية، ويميز كتبهم الحشو، أما المؤلف فليس فيما قرأنا من مؤلفاته مبتذل سطحي، ولا رخيص سوقي، بل كل ما كتب أنيق رقيق، رفيع عميق، يجمع بين سمو الفكر وترف اللفظ، وهو ما أشرنا إليه في صدر كلامنا من كونه حريصا على المزاوجة بين علمه وفنه، فإذا قرأت فصلا علميا خالصا خلت - لقوة أسلوبه ونصاعته - أنك تقرأ فصلا أدبيا يروعك جماله المستجمع لكل العناصر الأدبية.
على أنا حين نتجاوز هذه النقطة، فمؤلفاته كثيرة من حيث الكمية أيضا، وهذا يضاعف القيمة. إنه يدل على ملكة خصبة أصيلة لا يؤخرها أشد العوائق عن الاتقان، وأنها لتثبت له بطولة فكر، وإليك ثبتا بآثار هذه البطولة.
لآلئه المنضودة 1 - المراجعات هذا نموذج صادق لما كتب، ولا أريد أن أحدثك عنه فإن لسانه أبين من حديثي وأنطق. طبع في مطبعة العرفان بصيداء سنة 1355 ونفدت نسخه، وترجم إلى اللغة الفارسية، وبلغني أنه ترجم إلى اللغة الانكليزية، ترجمه الدكتور السيد زيد الهندي. وأنه ترجم إلى اللغة الأوردية أيضا.