وانفجرت فيها شقة الخلاف، حتى أدت إلى تشريد السيد بأهله ومن إليه من زعماء عاملة إلى دمشق، وقد وصل إليها برغم الجيش الفرنسي الذي كان يرصد عليه الطريق، إذ كانت السلطة الغاشمة تتعقبه بقوة من قواتها المسلحة لتحول بينه وبين الوصول إلى دمشق، وحين يئست من القبض عليه، عادت فسلطت النار على داره في ( شحور) فتركتها هشيما تذوره الرياح، ثم احتلت داره الكبرى الواقعة في (صور) بعد أن أباحتها للأيدي الأثيمة، تعيث بها سلبا ونهبا، حتى لم تترك فيها غاليا ولا رخيصا، وكان أوجع ما في هذه النكبة تحريقهم مكتبة السيد بكل ما فيها من نفائس الكتب وأعلاقها، ومنها تسعة عشر مؤلفا من مؤلفاته، كانت لا تزال خطية إلى ذلك التاريخ.
في دمشق وظل في دمشق تجيش نفسه بالعظائم وتحيط به المكرمات، في أبهة من نفسه، ومن جهاده، ومن إيمانه، وكان في دمشق يومئذ مداولات ملكية، واجتماعات سياسية، وحفلات وطنية، تتبعها اتصالات بطبقات مختلفة من الحكومة والشعب، كان السيد في جميعها زعيما من زعماء الفكر، وقائدا من قادة الرأي، ومعقدا من معاقد الأمل في النجاح.
وله في هذه الميادين مواقف مذكورة، وخطابات محفوظة، سجلها له التاريخ بكثير من الفخر والإعجاب.
ولم يكن بد من اصطدام العرب بجيش الاحتلال، فقد كانت الأسباب كلها مهيأة لهذا الاصطدام، حتى إذا التقى الجمعان في "