ميسلون " واشتبكا في حرب لم يطل أمدها، ودارت الدائرة على العرب لأسباب نعرض عنها.
غادر السيد دمشق إلى فلسطين ومنها إلى مصر بنفر من أهله، بعد أن وزع أسرته في فلسطين بين الشام، وبين أنحاء من جبل عامل، في مأساة تضيف أدلة إلى الأدلة على لؤم، فقد ظل ثقل من أهله الذين ذهبوا إلى " عاملة " يجوبون الفلوات والوديان في " عاملة " ليالي وأياما لا يجدون بلغة من العيش يحشون بها معد صغارهم الفارغة على أنهم يبذلون من المال أضعاف القيمة، ويبسطون أكفهم بسخاء نادر وأخيرا لم يجدوا حلا بغير توزيع قافلتهم في الأطراف المتباعدة، بين من بقي من أوليائهم وأصدقائهم على شئ من الوفاء أو الشجاعة.
في مصر وحين وصل مصر احتفلت به، وعرفته بالرغم من تنكره وراء كوفية وعقال، في طراز من الهندام على نسق المألوف من الملابس الصحراوية اليوم، وكانت له مواقف في مصر وجهت إليه نظر الخاصة من شيوخ العلم، وأقطاب الأدب، ورجال السياسة، على نحو ما تقتضيه شخصيته الكريمة.
ولم يكن هذا أول عهده بمصر فقد عرفته مصر قبل ذلك بثمان سنين، حين زارها في أواخر سنة تسع وعشرين، ودخلت عليه فيها سنة ثلاثين وثلاثمائة وألف هجرية، في رحلة علمية جمعته بأهل البحث، وجمعت به قادة الرأي من علماء مصر وعقدت فيها بينه وبين شيخ الأزهر يومئذ - الشيخ سليم البشري - اجتماعات متوالية تجاذبا