عبد الله بن الزبير، وكتب إلى عبد الملك أني قد ظفرت بأبي قبيس فلما ورد كتاب الحجاج عبد الملك فرح وكبر فكبر من في داره، اتصل التكبير بمن في جامع دمشق فكبروا واتصل ذلك بأهل السوق ثم سألوا عن الخبر فقيل لهم: ان الحجاج حاصر ابن الزبير بمكة وظفر بأبي قبيس فقال: لا نرضى حتى يحمله إلينا مكبلا على رأسه برنس على جمل يمر بنا في الأسواق الترابي الملعون، وكان حصار الحجاج لابن الزبير بمكة هلال ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين، ومدة حصاره خمسين ليلة، ومنع ابن الزبير الحجاج ان يدخلوا مكة ويطيفوا بالبيت ونحر ابن الزبير ولم يخرج بعرفة، ودخل ابن الزبير على أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق، وقد بلغت مئة سنة لم يقلع لها سن ولا أبيض لها شعر، وما زال عندها عقل فقال يا أماه: كيف تجدين ابنك؟ قالت: اني لشاكية يا بني قال:
يا أماه ان في الموت راحة قالت: لعلك تمنيه لي وأنا لا أحب أن أموت حتى أرى أحد طرفيك أما قتلت فأحتسبك، وأما ظفرت فقرت عيني بك، وأوصى عبد الله إليها بما يحتاج من أمره وأمر نسائه، وكان عروة بن الزبير على رأي عبد الملك، وكتب عبد الملك إلى الحجاج يأمره بتعاهد عروة وان لا يسوقه في نفسه وماله فخرج عروة إلى الحجاج، ورجع إلى أخيه وقال: يا أخي هؤلاء يعطونك الأمان من قبل عبد الملك وان تنزل أي البلاد شئت فأبي عبد الله قبول ذلك، وقالت له أمه أسماء: يا بني لا تقبل خطة تخاف على نفسك منها مخافة القتل مت كريما، وإياك أن تؤسر وتعطي بيديك فقال لها: يا أماه اني أخاف ان يمثل بي بعد القتل فقالت: يا بني وهل تتألم الشاة من السلخ بعد الذبح ودخلوا على ابن الزبير في المسجد وقت الصلاة ونظر إلى طائفة منهم قد أقبلوا نحوه فقال لأصحابه: من هؤلاء؟ قالوا: أهل مصر، قال قتلة عثمان أمير المؤمنين وركب الكعبة فحمل عليهم وتكاثر عليه الرجال من أهل الشام ومصر فلم يزل يضرب فيهم حتى أخرجهم عن المسجد ثم رجع إلى أصحابه عند البيت فقال لهم: ألقوا أغماد السيوف وليصن كل منكم سيفه كما يصون وجهه، لا ينكسر سيف أحدكم فيقعد كما تقعد المرأة، ولا يسأل منكم رجل أين عبد الله؟ من يسأل عني فأني في الرعيل الأول ثم أنشأ:
يا رب ان جنود الشام قد كثروا * وهتكوا من حجاب البيت أستارا يا رب اني ضعيف الركن مضطهد * فأبعث إلي جنوا منك أنصار