ودعاهم إلى البيعة فبايعوا توجه إلى الكوفة فأعترضه جيش المختار بن أبي عبيدة وأبي المختار دخوله وجرت بينهم حروب عظيمة فقاتلوا قتالا شديدا حتى أنهزم جيش المختار ودخل مصعب الكوفة وقتل من أهل الكوفة سبعة آلاف رجل كل هؤلاء طالبون بدم الحسين، وسماهم مصعب الحسينية ثم تتبع الشيعة بالكوفة وغيرها وقتلهم، وضيق الامر على أهل الكوفة، وظفر بالمختار وقتله واجتز رأسه، وقطع أعضائه وجلس في قصر الامارة ووضع رأس المختار بين يديه، وذلك في سنة سبع وستين من الهجرة ثم أتى بحرم المختار فدعاهن إلى البراءة منه، والدخول في طاعة أخيه عبد الله بن الزبير ففعلن إلا حرمتين له أحديهما بنت سمرة بن جندب الفرازي: والثانية ابنة النعمان بن بشير الأنصاري، وقالتا:
كيف نتبرأ من رجل يقول: ربي الله كان صائم نهاره وقائم ليله قد بذل دمه لله ولرسوله في طلب قتلة ابن بنت رسول الله وأهله وشيعته فأمكنه الله منهم حتى شفى النفوس فكتب مصعب إلى عبد الله يخبره بخبرهما فكتب إليه ان رجعتا عما إليه وتبرئتا منه فخل سبيلهما، وإلا فأقتلهما فعرضهما مصعب على السيف فرجعت بنت سمرة ولعنته وتبرئت منه، وقالت لو دعوتني إلى الكفر مع السيف لكفرت أشهد أن المختار كافر وأبت ابنة النعمان بن بشير وقالت شهادة أرزقها لم أتركها كلا أنها موتة ثم الجنة والقدوم على رسول الله وأهل بيته، والله لا يكون أتي مع ابن هند فأتبعه واترك بن أبي طالب اللهم أشهد اني متبعة لنبيك وابن بنته وأهل بيته وشيعته ثم قدمها مصعب فقتلت صبرا ففي ذاك يقول الشاعر:
إنما أعجب الأعاجيب عندي * قتل بيضاء حرة عطبول قتلوها ظلما على غير جرم * ان لله درها من قتيل كتب القتل والقتال علينا * وعلى الغانيات جر الذيول ولا يخفى ان الرجل الغيور لا يتعرض لاحد من النساء، ولا يؤاخذها بكلامها وان أخشنت في كلامها فكيف بأن يقتلها، ولذا لما قالت الحوراء زينب ما قالت في مجلس عبيد الله بن زياد (لع) وغضب اللعين وهم بها قام عمرو بن حريث: وقال يا أمير المؤمنين انها امرأة لا تؤاخذ بشئ من منطقها فكف اللعين عنها مع تلك الشقاوة فيا للعجب من رجل صنع صنعا لم يصنعه ابن مرجانة وهو قتل حرة مسلمة لأنها لم تبايع وقتلها صبرا، وقد نهى رسول الله ان يقتل أحد صبرا وهو ان يمسك المقتول بحيث لا يقدر