المجلس الأربعون لما فرغ أمير المؤمنين (ع) من وقعة الجمل ورجع إلى الكوفة كتب إليه معاوية كتابا يقول فيه بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله وابن عبد الله معاوية بن أبي سفيان إلى علي ابن أبي طالب أما بعد فقد أتبعت ما يضرك وتركت ما ينفعك وخالفت كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولقد انتهى إلى ما فعلت بحواريي رسول الله طلحة والزبير، وأم المؤمنين عائشة فوالله لأرمينك بشهاب لا تطفيه المياه، ولا تزعزعه الرياح إذا وقع وقب، وإذا وقب ثقب، وإذا ثقب نقب، وإذا نقب التهب فلا تغرنك الجيوش واستعد للحرب فأني ملاقيك بجنود لا قبل لك بها والسلام. فلما وصل إليه (ع) الكتاب وقرأه دعى بقلم ودواة وقرطاس، وكتب فيه بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله وابن عبده علي بن أبي طالب أخا رسول الله وابن عمه ووصيه، ومغسله ومكفنه، وقاضي دينه وزوج أبنته البتول، وأبي سبطيه الحسن والحسين إلى معاوية بن أبي سفيان أما بعد: فاني أفنيت قومك يوم بدر، وقتلت عمك وخالك، وجدك والسيف الذي قتلتهم به معي يحمله ساعي د بثبات صدري وقوة من بدني ونصرة من ربي كما جعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كفي فوالله ما اخترت على الله ربا، ولا على الاسلام دينا، ولا على محمد نبيا ولا على السيف بدلا فبالغ من رأيك فاجتهد، ولا تقصر فقد استحوذ عليك الشيطان واستقر بك الجهل والطغيان، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والسلام على من اتبع الهدى وخشي عواقب الردى ثم طوى الكتاب وختمه ودعى برجل من أصحابه يقال له الطرماح، وكان رجلا طويلا جسيما بليغا أديبا متكلما فصيحا لا يكل لسانه، ولا يمل من الخطاب فعممه بعمامة فدعى بجمل بازل فائق أحمر فركبه، ووجهه إلى دمشق، وأمر بتسوية رحله فقال له انطلق بكتابي هذا إلى معاوية ورد الجواب فأخذ الطرماح الكتاب وكوره في عمامته وانطلق، وسار آناء الليل وأطراف النهار حتى دخل دمشق فوقف على باب معاوية فقال له البواب: من تريد؟ قال أريد أولا أصحاب الأمير ثم الأمير قال البواب: من تعني بأصحاب الأمير؟ قال: أريد حنتما وجرولا وشاجعا وقامحا فقال سمهم
(١٠٥)