وصاحب الراية، وحمل على مصعب فاختلفا ضربتين وسبق ضربة مصعب إلى رأسه وكان مصعب قد أثخن بالجراح فضربه عبد الله بضربة فقتله واجتز رأسه وأتى به عبد الملك.
فلما رأى سجد عبد الملك وكان ذلك يوم الثلاثاء لثلاث عشر خلت من جمادي الأولى سنة اثنين وسبعين ثم أمر عبد الملك بمصعب وابنه فدفنا بدير الجاثليق لما قتلا أمر عبد الملك بدفنهما سود الله وجوه قوم قتلوا ابن بنت رسول الله وتركوه عريانا صريعا على الأرض، ودعي عبد الملك أهل العراق إلى البيعة وبايعوه ثم جاء عبد الملك حتى دخل الكوفة وجلس في قصر الامارة وبين يديه رأس مصعب، وعن مسلم النخعي قال: كنت جالسا فرأى عبد الملك مني اضطرابا فسألني فقلت: يا أمير المؤمنين دخلت هذه الدار فرأيت رأس الحسين بين يدي ابن زياد في هذا الموضع، ثم دخلت بعد ذلك فرأيت رأس ابن زياد بيدي يدي المختار ثم دخلت فرأيت رأس المختار بين يدي مصعب، ودخلت وهذا رأس مصعب بين يديك فوقاك الله يا أمير المؤمنين فأمر عبد الملك بهدم الطاق وتخريب القصر، ولكن شتان ما بين رأس الحسين ورؤس هؤلاء ما أعظمه شأنا وأشرفه قدرا وهو رأس كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يضمه إلى صدره، ويضعه على عاتقه ويقبله في جبهته وفي فمه وثناياه الخ.
ولما قتل مصعب في حرب عبد الملك وأتصل خبره بأخيه عبد الله بن الزبير بمكة أسرف في البكاء وصعد المنبر وجبينه يرشح عرقا فقال: الحمد لله مالك الدنيا والآخرة يؤتي من يشاء وينزع الملك عمن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شئ قدير إلا إنه لن يذل الله من كان الحق معه، ولن يعز من كان أولياء الشيطان حزبه، أتانا خبر من العراق أحزننا وأفرحنا قتل مصعب فأما الذي أحزننا من ذلك فإن فراق الحميم لدغة يجدها حميمه عند المصيبة، ثم يحتسب بعد ذلك إلى كريم الصبر وجزيل العزاء، وأما الذي أفرحنا فإن القتل له شهادة ويجعل الله له ولنا في ذلك الخيرة أما والله إنا لا نموت كميتة آل أبي سفيان، وإنما نموت قصعا بالرماح وقتلا تحت ظلال السيوف، إلا وان الدنيا عارية من الملك القهار الذي لا يزول سلطانه ولا يتبدل ملكه، فإن تقبل الدنيا علي لاخذها أخذ الأشطر البطر، وان تدبر عني لا أبكي عليها بكاء الحزين المهين فنزل عن المنبر، فبعد ما قتل مصعب بعث عبد الملك بجيش عظيم وعليه الحجاج بن يوسف الثقفي لحرب بن الزبير بمكة، فأتى الحجاج الطائف وأقام بها شهورا ثم زحف إلى مكة وحاصر