ولعمري ان الحسين (ع) بهذه الخطبة أحيا ذكر أبيه ومناقبه وفضائله وفضائل أهل بيته بل وأحيا دين جده صلى الله عليه وآله وسلم مرة أحياه بلسانه وأخرى أحياه بسيفه وببذل ماله ودمه ومهجته، وبسفك دمه ودم أصحابه وأهل بيته وسبي حريمه ونسائه على الاقتاب من بلد إلى بلد، ومن دار إلى دار الخ.
المجلس التاسع والثلاثون في المنتخب للشيخ الطريحي (قده) روى قتادة ان أروى بنت الحارث ابن عبد المطلب دخلت على معاوية بن أبي سفيان وقد قدمت المدينة وهي عجوز كبيرة فلما رآها معاوية قال: مرحبا بك يا خالة كيف كنت بعدي؟ قالت: كيف أنت يا بن أختي؟ لقد كفرت النعمة وأسئت لابن عمك الصحبة وتسميت بغير اسمك، وأخذت غير حقك بلا بلاء كان منك، ولا من آبائك في ديننا ولا سابقة كانت لكم بل كفرتم بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله وسلم فأتعس الله منكم الجدود وأصغر منكم الخدود، ورد الحق إلى أهله فكانت كلمتنا هي العليا ونبينا هو المنصور على من ناواه، فوثبت قريش علينا من بعده حسدا لنا وبغينا فكنا بحمد الله ونعمته أهل بيتي فيكم بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون، وكان سيدنا فيكم بعد نبينا صلى الله عليه وآله وسلم بمنزلة هارون من موسى، وغايتنا الجنة، وغايتكم النار فقال لها عمرو بن العاص، كفي أيتها العجوز الضالة وأقصري من قولك مع ذهاب عقلك إذ لا تجوز شهادتك وحدك فقالت: وأنت يا بن الباغية تتكلم وأمك أشهر بغي بمكة وأقلهم أجرة وادعاك خمسة من قريش فسئلت أمك عن ذلك فقالت: كان قد أتاها وواقعها فانظروا أشبههم به فألحقوه به فغلب شبه العاص بن وائل جزار قريش ألأمهم مكرا وأنتنهم خبرا فلا ألومك بغضنا.
قال مروان بن الحكم: كفى أيتها العجوز واقصدي لما جئت له قالت: وأنت يا بن الزرقا تتكلم والله وأنت ببشير مولى ابن كلدة أشبه منك بالحكم بن عاص، وقد رأيت الحكم سبط الشعر مديد القامة، وما بينكما قرابة إلا كقرابة الفرس الضامر من الأتان المقرف فأسئل عما أخبرتك به أمك فإنها ستخبرك بذلك ثم التفتت إلى معاوية