ومدة خلافته تسعة أشهر وأيام قلائل ومات وهو ابن ثلاث وستين سنة وكان رجلا قصير أحمر وأختلف في سبب وفاته. ومنهم رأى أن فاختة أم خالد بن يزيد بن معاوية هي التي قتلته، وذلك أن مروان حين أخذ لنفسه البيعة، ولخالد بن يزيد بعده ثم لعمرو بن سعيد بعد خالد، ثم بدا له فجعل الخلافة لولده عبد الملك ثم ابنه عبد العزيز فلما سمع خالد بن يزيد غضب ودخل عليه فكلمه وأغلظ فغضب من ذلك مروان، وقال أتكلمني يا ابن الرطبة، وكان قد تزوج مروان بأم خالد بن يزيد يعني الفاختة بنت أبي هاشم بن عتبة ليذل خالد بذلك ويضع منه، فدخل خالد مغضبا على أمه فقبح لها تزوجها بمروان وشكى إليها ما نزل به منه فقالت فاختة: يا بني لا يعيبك بعدها فلما دخل مروان عليها ونام عندها قامت، ووضعت وسادة على حلقه، وقعدت مع جواريها فوقها حتى مات، ومنهم من رأى أن فاختة أعدت له لبنا مسموما فلما دخل عليها ناولته إياه فشرب فلما استقر في جوفه وقع يجود بنفسه، وأمسك لسانه وخرس فحضره عبد الملك وغيره من ولده. فجعل يشير إلى أم خالد يخبرهم إنها قتله وأم خالد جالسة تبكي وتقول: بأبي أنت وأمي حتى عند النزاع لم تشتغل عني إنه يوصيكم بي فلم يزل كذلك حتى هلك، وكان له عشرون أخا وثمان أخوات، وله من الولد أحد عشر وثلاث بنات، وقد خلف يزيد ابن معاوية من الولد أكثر مما خلف مروان لأنه خلف أربعة عشر ولدا، ومن البنات أربعة فأين صاروا مع كثيرة توالدهم وتناسلهم حتى لا يبقى منهم أسم ولا رسم. بل كان لم يكن شيئا مذكورا ولكن أنظر أيها المحب إلى نبيك حيث لم يبق منه إلا بنت واحدة فكيف ملا الله من ذريتها الأرض حتى لم يخل منهم مكان:
كان نسل النبي بنتا فأضحى * مثل بنت الربيع عما البسيطا مع كثرة ما قتلوا وذبحوا وصلبوا ونهبوا وطردوا من بلد خوفا على أنفسهم من بني أمية وبني العباس لان هاتين الفرقتين كانتا يجدون ويحرصون على قتلهم وإطفاء نورهم لا أعلم بأية عين ينظرون إلى رسول الله، وبأي لسان يجيبون النبي إذا سألهم عن ذريته وعترته؟ ماذا يقولون الخ.