الدعوة فأصبح الرجل وأتى المجوسي وقال له في الخلوة انا رسول من رسول الله إليك وهو يقول لك قد أجيبت الدعوة فقال له المجوسي له أتعرفني وما أنا فيه من طريقتي وديني قال الرجل نعم قال إني أنكرت دين الاسلام ونبوة محمد صلى الله عليه وآله وكنت على ذلك إلى هذا الوقت لكن اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ثم دعى أهله وقال لهم كنت على ضلالة والآن ذا بصيرة وقد أسلمت فاعلموا فمن أسلم فما بيده من مالي فهو له ومن أبي فلينزع يده عن مالي الذي عنده فاسلم القوم وأهله وكان له ابنة قد زوجها من ابنه ففرق بينهما ثم التفت إلى الرجل وقال له أتدري ما الدعوة قال: لا والله وأني أريد أن أسئلك الساعة فقال لما زوجت ابني صنعت طعاما ودعوت أحبابا لي فأجابوا وكان إلى جانبنا قوم اشراف من العلويين فقراء لا مال لهم وأمرت غلماني أن يبسطوا لي حصيرا في وسط الدار فبينما انا جالس في صحن الدار سمعت صبية من العلويات تقول لامها يا أماه قد اذانا هذا المجوسي برائحة طعامه فلما سمعت ذلك قمت من ساعتي وأرسلت إليهم بطعام كثير وكسوة ودنانير للجميع فلما نظروا إلى ذلك اشتد فرحهم وسروا سرورا عظيما وقالت الصبية للباقيات والله ما نأكله حتى ندعوا لهذا المجوسي فرفعوا أيديهن وقلن حشره الله مع جدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وامن بعضهن فتلك من الدعوة التي أجيبت، هذا المجوسي أشفق على بنات رسول الله صلى الله عليه وآله وأطعمهم من الجوع وهو كافر وما أشفق ابن مرجانة لعنه الله على بنات رسول الله أدخلوهن عليه واللعين كان جالسا على سفرة طعامه فلما نظر الأطفال ووقع طرفهم على الطعام جعلت أبدانهم ترجف من شدة الجوع واصفرت ألوانهم وتأذوا من استشمامهم رائحة الطعام فما اعتنى بهم حتى فرغ من طعامه ثم أول ما صنع مد يده وأخذ برأس الحسين (ع).
المجلس الخامس ومن كلام لأمير المؤمنين (ع) في ذكر الكوفة كأني بك يا كوفة تمدين مد الأديم العكاظي تعركين بالنوازل وتركبين بالزلازل واني لاعلم انه ما أراد بك جبار سوء إلا ابتلاء الله بشاغل ورماه بقاتل ولا يخفى أن الكوفة بلدة قد شرفها الله على كثير من البلاد وقد جاء في فضلها عن أهل البيت شئ كثير منها ما قال علي (ع) نعمت المدرة الكوفة يحشر من ظهرها سبعون ألفا وجوههم على صورة القمر وقال (ع): هذه مدينتنا