المجلس الواحد والثلاثون في البحار وفي مناقب شاذان بن جبرئيل عن الأصبغ بن نباتة قال: كنت مع سليمان الفارسي وهو أمير المدائن في زمان أمير المؤمنين (ع)، وقد مرض مرضه الذي توفي فيه فلما اشتد به المرض قال يا أصبغ سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لي: يا سلما يكلمك ميت إذا دنت وفاتك وقد اشتهيت ان أدري هل دنت وفاتي. فقال الأصبغ: بماذا تأمرني؟ قال آتيني بسرير واحملني عليه إلى المقبرة فقال: حبا وكرامة. ففعل ما أمره حتى وضعوه بين القبور واستقبل القبلة: بوجهه ونادى: السلام عليكم يا أهل عرصة البلا، السلام عليكم يا محتجبين عن الدنيا، السلام عليكم يا من جعلت المنايا لهم غذاء السلام عليكم يا من جعلت الأرض عليهم غطاء، السلام عليكم يا من لقوا أعمالهم في دار الدنيا، السلام عليكم يا منتظرين النفخة الأولى، سألتكم بالله العظيم والنبي الكريم إلا أجابني منكم مجيب فأنا سلمان الفارسي مولى رسول الله (ص) فإذا هو بميت قد نطق من من قبره، وقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا أهل الفناء، والمشتغلين بعرصة الدنيا ها نحن لكلامك مستمعون ولجوابك مسرعون، فسل عما بدا لك يرحمك الله تعالى. قال سلمان: أيها الناطق بعد الموت، المتكلم بعد حسرة الفوت، أمن أهل الجنة أنت أم من أهل النار؟ فقال: يا سلمان أنا ممن أنعم الله تعالى عليه بعفوه وكرمه، وأدخله جنته برحمته فقال له سلمان: يا عبد الله صف لي الموت كيف وجدته، وما عاينت منه؟ قال:
يا سلمان فوالله إن قرضا بالمقاريض ونشرا بالمناشير لاهون من نزعة من نزعات الموت إعلم اني كنت في دار الدنيا ممن ألهمني الله الخير وأعمل به وأؤدي فرائضه وأتلوا كتابه وأبر الوالدين، وأجتنب الكبائر والحرام، وأطلب الحلال خوفا من السؤال، فبينما أنا في ألذ العيش والسرور إذ مرضت وبقيت في مرضي أياما حتى دنا موتي، أتاني عند ذلك شخص عظيم الخلقة فظيع الهيئة فوقف لا إلى السماء صاعدا ولا إلى الأرض نازلا فأشار إلى بصري فأعماه، والى سمعي فأصمه، وإلى لساني فأخرسه، فقلت له من أنت يا عبد الله؟
فقد أشغلتني عن أهلي وولدي فقال: أنا ملك الموت أتيتك لأقبض روحك، فقد