تخبر بحكمين مختلفين في زمن داود وسليمان وقضى الله بصحتهما وهي هذه (إن الله قضى على أهل المزارع ان يحفظوا بساتينهم ومزارعهم عن الأغنام والمواشي بالنهار، فإذا عجمت غنم بالنهار على زرع وأفسدته فليس على صاحب الغنم شئ، وحكم على أهل الأغنام أن يرعوا أغنامهم بالليل فإذا هجمت الأغنام بالليل على زرع وأفسدتها فعلى صاحب الغنم ان يدفع الغنم إلى صاحب الزرع جريمة لتلك الخسارة التي وردت على صاحب الزرع فهجمت ليلة اغنام على بستان فيها الكرم والعنب، وأفسدتها فجاؤوا إلى داود ليحكم بينهم فحولهم داود إلى ابنه سليمان فحكم سليمان على صاحب الأغنام ان يدفع منافع الأغنام في تلك السنة إلى صاحب البستان من اللبن والدهن والشعر والوبر، فعلم داود ما حكم به سليمان وأعترض عليه فقال سليمان: إن منافع هذه السنة قد انتفت من صاحب البستان فالأشجار باقية على حالها فحكمت على صاحب الغنم ان يدفع منافع عنه في هذه السنة إلى صاحب الزرع تداركا لما فاته من منافع هذه السنة فأوحى الله إلى داود بصحة ما حكم به سليمان وصحة ما حكم به الأنبياء قبله.
فحاصل جواب الوليد لسلطان الروم ان ما صنعت من هذم الكنيسة وتخريبها وفعل من قبلي الخلفاء بإثباتها واستقرارها حكم واحد، وكلنا على الصواب فإنهم رأوا ان يقروها وانا رأيت أن أهدمها.
انتقلت الخلافة بعد الوليد بن عبد الملك إلى أخيه سليمان بن عبد الملك، وبايع الناس له يوم هلك فيه الوليد وهو يوم السبت للنصف من جمادى الأخيرة سنة ست وتسعين ولما افضى الامر إليه صعد المنبر وحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسول الله وخطب خطبة طويلة ودعى الناس إلى نفسه ثم نزل واذن للناس اذنا عاما فدخلوا عليه وجعلوا يبايعونه وكانت مدة خلافته سنتين وستة أشهر وخمس ليال، وهلك في عشرين من صفر سنة تسع وتسعين وهو ابن تسع وثلاثين، وكان يلبس ثياب الرقاق وثياب الوشي وفي أيامه عمل الوشي الجيد باليمن، والكوفة والإسكندرية، ولبس الناس جميعا الوشي اي اللباس المنقوش جبابا وأردية وسراويل وعمائم وقلانس، وكان لا يدخل عليه رجل من أهل بيته إلا في الوشي، وكذلك عماله وأصحابه ومن في داره حتى الطباخ فإنه كان يدخل عليه وفي صدره وشي، وعلى رأسه طويلة وشي وأمر أن يكفن في الوشي، وكان سليمان صاحب أكل كثير ومقدار شبعه في كل يوم مئة رطل بالعراقي، وربما أتاه الطباخون