المجلس الثامن عشر لما فرغ أمير المؤمنين (ع) من غزوة الجمل ونزل بالكوفة في السادس من رجب خطب فقال: الحمد لله الذي نصر وليه وخذل عدوه واعز الصادق المحق وأذل الناكث المبطل ثم إنه (ع) وجه جرير بن عبد الله البجلي إلى معاوية يدعوه إلى طاعته فلما وصل جرير وبلغه الخبر توقف معاوية في ذلك وسكت ثم إنه بعد ذلك أمر باحضار أهل الشام في المسجد وخطب فيهم خطبة، وقال أيها الناس قد علمتم إني خليفة عثمان وخليفة عمر وقد قتل عثمان مظلوما وانا وليه وابن عمه وأولى الناس بطلب دمه فماذا رأيكم فقالوا نحن طالبون بدمه فدعا معاوية عمر بن العاص على أن يطمعه بمصر ليعاونه على الامر وكان عمرو يأمر بالحط والرحل مرارا، وكان له غلام اسمه وردان فأحضره فاستشاره في ذلك فقال له وردان: تفكر أن الآخرة مع علي والدينا مع معاوية فأنشأ عمرو:
لا قاتل الله وردانا وفطنته * أبدى لعمري ما في الصدر وردان فلما عزم عمرو على مصاحبة معاوية أنشأ ابنه:
ألا يا عمر وما أحرزت نصرا * ولا أنت الغداة إلى رشاد أبعت الدين بالدنيا خسارا * وأنت بذلك من شر العباد؟
فكتب إلى أهل المدينة كتابا يقول فيه عثمان قتل مظلوما وعلي آوى قتلته فإن دفعتم إلينا كففنا عنه وجعلنا هذا الامر شورى بين المسلمين، كما جعله عمر عند وفاته فانهضوا رحمكم الله معنا إلى حرب علي. فأجابه أهل المدينة بهذه الأبيات:
معاوي أن الحق أبلج واضح * وليس كما ربصت أنت ولا عمرو نصبت لنا اليوم ابن عفان خدعة * كما نصب الشيخان إذ زخرف الامر رميتم عليا بالذي لم يضره * وليس له في ذاك نهي ولا أمر وما ذنبه أن نال عثمان معشر * أتوه من الاحياء تجمعهم مصر؟
وكان عليا لازما قعر بيته * وهمته التسبيح والحمد والذكر فما أنتما لا در در أبيكما * وذكر كما شورى وقد وضح الامر