يا أمير المؤمنين ما سمعنا أحدا قد أبلغ منك ولا أفصح ولا أعرب كلاما. فتبسم وقال عليه السلام: ما يمنعني وأنا مولدي بمكة؟ ولم يزدهم على هاتين الكلمتين.
عن الرضا (ع) اجتمع أصحاب النبي (ص) فتذاكروا أي الحروف أدخل في الكلام فاجتمعوا على أن الألف ارتجالا: حمدت من عظمة منته، وسبغت نعمته وسبقت غضبه رحمته، وتمت كلمته ونفذت مشيته، وبلغت حجته، وعدلت قضيته الخ ثم ارتحل إلى خطبة أخرى من غير نقطة وأولها: الحمد لله أهل الحمد ومأواه، وله أوكد الحمد وأحلاه، وأطهر الحمد وأسماه، وأكرم الحمد وأولاه إلى آخرها.
أقول: ان أهل الكوفة ملأت أسماعهم من صوت علي وفصاحته وبلاغته خمس سنين، وبعد ذلك لم يستمعوا إلى تلك الفصاحة والبلاغة من أحد إلا من الحوراء زينب عليها السلام حين خطبت الخطبة المعروفة حتى قال علي بن الحسين (ع): يا عمة اسكتي ففي الباقي من الماضي اعتبار، وأنت بحمد الله عالمة غير معلمة، وفاهمة غير مفهمة، ان الحنين والبكاء لا يرد من قد أباده الدهر، فسكتت. قال بشير بن خذيم الأسدي:
ونظرت إلى زينب بنت علي (ع) ولم أر والله خفرة أنطق منها، كأنها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين (ع)، وقد أومأت إلى الناس ان اسكتوا فارتدت الأنفاس وسكنت الأجراس، ثم قالت: الحمد لله والصلاة على أبي محمد صلى الله عليه وآله الطيبين الأخيار أما بعد: يا أهل الكوفة ويا أهل الختل والغدر الخ.
المجلس السابع والعشرون في إكمال الدين للصدوق (ره) عن أبي عبد الله الصادق (ع) قال: لما بايع الناس عمر بعد أبي بكر أتاه رجل شاب من اليهود وكان من علمائهم وأحبارهم، يروون انه من ولد هارون أخي موسى، فقال يا أمير المؤمنين: أيكم اعلم بعلم نبيكم وبكتاب ربكم حتى أسألكم عما أريد؟ قال: فأشار عمر إلى علي (ع) فقال: هذا فتحول الرجل إلى أمير المؤمنين (ع) وقال: أنت كذلك؟ فقال: نعم سل عما تريد. فقال: إني أسألك