المجلس السابع عشر وكان للعباس بن عبد المطلب تسعة من الذكور وأكبرهم عبد الله وهو المعروف بابن عباس، وكان رجلا عالما فقيها بليغا ولد قبل الهجرة بثلاث سنين وقد كان النبي صلى الله عليه وآله دعا له حين وضع له الماء للطهر فقال: اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ومات في سنة مات فيه عبد الملك بن مروان في سنة ثمان وستين وله من العمر إحدى وسبعون سنة، وكان قد ذهب بصره لبكائه على علي والحسن والحسين (ع) وكانت له وفرة طويلة وهو الذي يقول: أن يأخذ الله مني عيني نورهما ففي لساني وقلبي منهما نور.
قلبي زكى وعقلي غير مدخل * وفي فمي صارم كالسيف مأثور وبعد عبد الله عبيد الله بن العباس، في مروج الذهب ومات عبيد الله في أيام الوليد ابن عبد الملك في سنة سبع وثمانين، وكان عبيد الله رجلا جوادا كريما.
روي أن سائلا قد وقف عليه وهو لا يعرفه، وقال: تصدق علي بما رزقك الله فأني نبئت أن عبيد الله بن العباس أعطى سائلا ألف درهم، واعتذر إليه. فقال: وأين انا من عبيد الله؟ قال له أين أنت من عبيد الله في الحسب أو في كثرة المال؟ قال فيهما جميعا ان الحسب في الرجل مروته، وحسن فعله فإذا فعلت ذلك كنت حسيبا فأعطاه الفي درهم واعتذر إليه فقال له السائل: إن لم تكن عبيد الله فأنت خير منه، وان كنت هو فأنت اليوم خير من أمسك فأعطاه أيضا فقال: لان كنت عبيد الله انك لاسمح أهل دهرك، وما الا من رهط فيهم محمد رسول الله (ص) فأسئلك بالله أنت هو؟
قال: نعم قال والله ما أخطأت إلا باعتراض الشك بين جوانحي وإلا فهذه الصورة الجميلة والهيئة المنيرة لا تكون إلا في نبي أو عترته، وذكر ان معاوية وصله بخمسمائة ألف درهم ثم وجه له من يعترف له خبره فانصرف إليه فأعلمه إنه قسمها في إخوانه وعشيرته وأصدقائه بالسوية وأبقى لنفسه مثل نصيب أحدهم، فقال معاوية إن ذلك ليسوءني ويسرني واما الذي يسرني فإن عبد مناف والده واما الذي يسوئني فقرابته من أبي تراب وكان عبيد الله ابن العباس واليا على مكة في زمان أمير المؤمنين (ع) فلما استوثق الامر لمعاوية ابن