سلوني قبل أن تفقدوني. فلم يقم إليه أحد فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال للحسن: يا حسن قم فأصعد المنبر فتكلم بكلام لا يجهلك قريش من بعدي فيقولون:
إن الحسن لا يحسن شيئا قال الحسن (ع): يا أبة كيف أصعد وأتكلم وأنت في الناس تسمع وترى؟ قال له: بأبي وأمي أروى نفسي عنك وأسمع وأرى ولا تراني، فصعد الحسن (ع) المنبر فحمد الله بمحامد بليغة شريفة وصلى على النبي وآله صلاة موجزة ثم قال:
أيها الناس سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: أنا مدينة العلم وعلي بابها. ثم نزل فوثب إليه علي (ع) فتحمله وضمه إلى صدره. ثم قال للحسين: يا بني قم فأصعد فتكلم بكلام لا يجهلك قريش من بعدي فيقولون: إن الحسين بن علي لا يبصر شيئا. وليكن كلامك تبعا كلام أخيك فصعد الحسين (ع) فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم صلاة موجزة ثم قال: معاشر الناس سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول: إن عليا مدينة بعدي فمن دخلها نجى، ومن تخلف عنها هلك. فوثب إليه علي (ع) فضمه إلى صدره وقبله ثم قال: معاشر الناس أشهدوا أنهما فرخا رسول الله ووديعته التي استودعنيها وثم أنا أستودعكموها، معاشر الناس ورسول الله سائلكم عنها.
ليت شعري ما صنعوا بوديعتي رسول الله وأمير المؤمنين عليهما السلام يعز عليهما لو نظرت عيناهما إليهما، أما الحسن فقد قضى نحبه مسموما ورمى كبده مقطعا في الطشت وأما الحسين فقد قضى نحبه مقتولا مذبوحا بقي على الأرض مرملا بدمه وطافوا برأسه في البلدان:
يا أيها النبأ العظيم إليك في * ابنيك مني أعظك الانباء إن الذين تسرعا يقيانك * الأرماح في صفين للهيجاء فأخذت في عضديهما تثنيهما * عما أمامك من عظيم بلاء ذا قاذف كبدا له قطعا وذا * في كربلاء مقطع الأعضاء المجلس الثاني والستون في الأمالي عن زين العابدين (ع) قال: بينا أمير المؤمنين (ع) ذات يوم جالس مع أصحابه يعبيهم للحرب إذ أتاه شيخ على شحبة السفر فقال: أين أمير المؤمنين (ع)؟