دع المسجد للعباد تسكنها * وقف على دكة الخمار وأسقينا ما قال ربك ويل للذي شربوا * بل قال ربك ويل للمصلينا سبحان الله هؤلاء يدعون إنهم خلفاء رسول الله، ويزعمون بأنهم أمراء بين المسلمين والمؤمنين هي مصيبة ما أعظمها وأعظم رزيتها في الاسلام ولقد أحسن وأجاد:
فيا ذلة الاسلام من بعد عزة * إذا كان وال المسلمين يزيد والمصيبة كل المصيبة ان هذا اللعين مع هذه الشنايع والقبائح يجلس على سرير الملك ورأس إمامنا الحسين (ع) بين يديه الخ.
المجلس التاسع والأربعون وبويع هشام بن عبد الملك بعد يزيد بن عبد الملك، فكانت ولايته تسع عشر سنة وسبعة أشهر، ومات لست خلون من شهر ربيع الاخر سنة عشرين ومئة، وكان هشام فظا غليظا خشنا خسيسا وبخيلا بعطاء الأموال، وكان يعمر الأرض ويستجيد الخيل وأقام الحلبة فأجتمع له فيها أربعة آلاف فرس، وأصطنع الرجال وقوى الثغور، واتخذ القنوات والبروك في طريق مكة ولم ير زمانا أشد وأصعب من زمانه، وكان هشام أحول العينين حتى إنه عرض عليه الجند يوما فمر به رجل من الجند وهو على فرس نفور فقال هشام:
مالك ان تربط فرسا نفورا؟ فقال الرجل: لا والرحمن الرحيم يا أمير المؤمنين ما هو بنفور ولكنه أبصر حولتك فظن إنها غزوان البيطار، وكان غزوان رجلا نصرانيا ببلاد حمص وهو أحول فقال له هشام: تنح فعليك لعنة الله وعلى فرسك.
ومن بخله روى رجلا أهدى إليه طائرين فأعجب بها فقال له الرجل: جائزتي يا أمير المؤمنين قال: وما جائزة طائرين؟ قال: ما شئت قال خذ أحدهما فقصد الرجل لأحسنهما فأخذه فقال له هشام: وتختارهما أيضا قال: نعم والله اختار قال: دعه فأمر له بدريهمات ودخل هشام بستانا له ومعه ندماؤه فطافوا به، وفيه من كل الثمرات وجعلوا يأكلون ويقولون: بارك الله لأمير المؤمنين قال: كيف يبارك لي فيه وأنتم تأكلونه ثم قال:
أدعو القيم فدعى له فقال هشام: يا فلان اقلع أشجار البستان وأغرس فيه زيتونا حتى