وروى الحسين بن أبي الحرب قال: دخلت على السيد في مرضه فوجدته يساق به وعنده جماعة من العثمانية من خزانة، وكان السيد جميل الوجه رحب الجبهة حسن الصورة فبدت في وجهه نكتة سوداء مثل النقطة ثم لم تزل تزيد حتى طبقت وجهه فاغتمت الشيعة وظهر السرور من النواصب فقال السيد: هكذا يفعل بأوليائكم يا أمير المؤمنين إذ بدت لمعة بيضاء لم تزل تزيد، وتنموا حتى أبيض وجهه، وكأنه القمر ليلة البدر وافتر السيد ضاحكا وأنشأ يقول:
كذب الزاعمون ان عليا * لا ينجي محبه من هنات قد وربي دخلت جنة عدن * وعفاني الاله عن سيئات فأبشر واليوم أولياء علي * وتولوا عليا حتى الممات ثم من بعده تولوا بنيه * واحدا بعد واحد بالصفات ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله حقا حقا وأشهد أن عليا أمير المؤمنين حقا حقا ثم اغمض عينيه فكأنما كانت روحه ربانية طفيت فانتشر هذا الخبر في الناس فشهدوا جنازته لما علموا حسن حاله فكأن المعاصي والكبائر أظلم وجهه واسود لونه، ولما بدت عليه لمعة من نور الولاية ذهبت بتلك السواد. أقول فإذا كان نور الولاية والمحبة لعلي وأولاده المعصومين يذهب بظلمة المعاصي، وسواد العارضي فليس بعجب ان يزيل ذلك النور السواد الذاتي من ذلك الحبشي الذي ولد في حب علي وأولاده، وعاش في حبهم وقتل في حبهم وبذل مهجته دونهم كما في قصة جون مولى أبي ذر ولا سيما إذا دعا الامام له بقوله: اللهم بيض وجهه، وطيب ريحه واحشره مع الأبرار.
المجلس الثاني والأربعون أول من تقلد الخلافة من بني أمية عثمان بن عفان، ثم معاوية بن أبي سفيان وكانت مدته عشرون سنة كاملة وبعده يزيد بن معاوية، ومدته ثلاث سنين وثمانية أشهر إلا ثمان ليالي، ومات بحوارين من أرض دمشق وفي ذلك يقول الشاعر: