المجلس الثامن والثلاثون عن سليم بن قيس قال: قدم معاوية بن أبي سفيان حاجا في خلافته فاستقبله أهل المدينة فنظر فإذا الذين استقبلوه ما منهم قرشي فلما نزل قال: ما فعلت الأنصار وما بالهم لم يستقبلوني فقيل له فإنهم محتاجون ليس لهم دواب فقال معاوية: وأين نواضحهم؟ فقال قيس بن سعد بن عبادة وكان سيد الأنصار وابن سيدها: أفنوها يوم بدر وأحد وما بعدهما من مشاهد رسول الله حين ضربوك وأباك على الاسلام حتى ظهر أمر الله وأنتم كارهون فسكت معاوية فقال قيس: أما أن رسول الله عهد إلينا إنا سنلقي بعده أثره قال: معاوية فما أمركم به؟ قال: أمرنا أن نصبر حتى نلقاه قال فاصبروا حتى تلقوه ثم أن معاوية مر بحلقة من قريش فلما رأوه قاموا غير عبد الله بن عباس فقال له: يا بن عباس ما منعك من القيام كما قام أصحابك إلا لموجدة إني قاتلتكم بصفين، فلا تجد من ذلك يا بن عباس فإن ابن عمي عثمان قتل مظلوما قال ابن عباس: فعمر بن الخطاب قد قتل مظلوما قال: ان عمر قتله كافر، قال ابن عباس فمن قتل عثمان؟ قال قتله المسلمون قال: فذاك أدحض لحجتك قال: فانا كتبنا في الآفاق ننهى عن ذكر مناقب علي وأهل بيته فكف لسانك فقال، يا معاوية: أتنهانا عن قراءة القرآن؟ قال لا قال: أتنهانا عن تأويله؟ قال نعم قال: فتقرأ ولا تسأل عما عني الله به.
ثم قال: فأيهما أوجب علينا قرائته أو العمل به؟ قال: كيف العمل به ولا نعلم ما عني الله قال سل عن ذلك ما يتأوله على غير ما تتأوله أنت وأهل بيتك قال: إنما نزل القرآن على أهل بيتي آل أب ي سفيان يا معاوية أتنهانا أن نعبد الله بالقرآن بما فيه من حلال أو حرام فإن لم تسأل الأمة عن ذلك حتى تعلم تهلك وتختلف، قال أقرؤا القرآن وتأولوه ولا ترووا شيئا مما أنزل الله فيكم وارووا ما سوى ذلك قال: فإن الله تعالى يقول في القرآن: (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون) قال: يا بن عباس أربع أي أرفق على نفسك وكف لسانك وان كنت لا بد فاعلا ليكن ذلك سرا لا يسمعه أحد منك علانية ثم رجع إلى بيته فبعث إليه بمئة ألف درهم