قال: فأي الأعمال أفضل؟ قال: أداء الفرائض مع اجتناب المحارم قال: فأي القول أعدل؟ قال: كلمة حق عند من تخاف وترجوه قال: فأي الناس أعقل؟ قال: من عمل بطاعة الله قال: فأي الناس أجهل؟ قال: من باع آخرته بدنياه قال: عظني وأوجز يا أمير المؤمنين قال نزه ربك وعظمه أن يراك حيث ما نهاك عنه، أو يفقدك من حيث أمرك به فبكا سليمان بكاء شديدا فقال بعض جلسائه لأبي حازم: ويحك أسرفت على أمير المؤمنين؟
فقال: اسكت فإن الله عز وجل أخذ الميثاق على العلماء لينبهوا الناس، ولا يكتمونه ثم خرج فلما صار إلى منزله بعث سليمان له بمال فرده، وقال للرسول قل له: والله يا أمير المؤمنين ما أرضاه لك فكيف أرضاه لنفسي؟ وقال يوما سليمان لعمر بن عبد العزيز وقد أعجبه سلطانه: كيف ترى ما نحن فيه؟ قال: سرور لولا أنه غرور، وحياة لولا أنه موت وملك لولا أنه هلك، وحسن لولا أنه حزن، ونعيم لولا إنه عذاب أليم فبكى سليمان نعم ولقد أحسن وأجاد فالدنيا التي تحرص عليها هذا شأنها فالمغرور، ومن زعم بأنها حسن وهو حزن، ويحدث نفسه بأنها نعيم وهو عذاب اليم، ولو زالت الغفلة لسمعت من الدنيا هذه المقالة:
هي الدنيا تقول لمن عليها * حذار حذار من بطشي وفتكي فلا يغرركم حسن ابتسامي * فقولي مضحك والفعل مبكي فالعاقل الكيس من يزجر نفسه ويدع زينتها وزخارفها، ويحرز نفسه عنها ويذكرها بما قال الشاعر:
دع الدنيا وزينتها لوغد * وجانبها إذا كنت الرشيدا أترجوا الخير من دنيا أهانت * حسين السبط واختارت يزيدا المجلس السابع والأربعون واستخلف بعد سليمان بن عبد الملك عمر بن عبد العزيز بن مروان في يوم الجمعة العشرين من صفر سنة تسع وتسعين وهو اليوم الذي مات فيه سليمان، وكان مدة خلافته