مشغول عنك فجاء ثانيا ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدعو ويقول: اللهم إيتني بأحب خلقك إليك فقلت رسول الله مشغول عنك فجاء ثالثا ورفع صوته وقال: جئت ثلاث مرات وأنت تقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مشغول عنك ولا تأذن لي فسمع رسول الله صلى الله عليه وآله صوته وقال:
يا أنس من بالباب فقلت: هذا علي بن أبي طالب قال أدخله يا أنس فلما دخل نظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليه قال: اللهم والي حتى قالها ثلاثا يعني يا رب كما إنه أحب خلقك إليك كذلك أحب خلقك إلي، ثم قام وقبله بين عينيه وقال: يا علي أين كنت يا قرة عيني فأني قد دعوت الله ربي ثلاثا أن يأتيني بأحب خلقه إلي يأكل معي من هذا الطائر قال:
يا رسول الله قد جئت ثلاث مرات فحجبني أنس فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: يا أنس لم حجبت علي قلت: يا رسول الله لم أحجبه لهوانه علي ولكني أحببت أن يكون رجلا من قومي فأذهب بعزها وشرفها إلى يوم القيامة فقال: لست بأول رجل أحب قومه قال الحجاج (لع): أنت رجل قد خرفت وذهب عقلك، وان ضربت عنقك على ما سبق منك قال الناس: ضرب خادم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولكن أخرج عني وإياك أن تحدث بهذا الحديث من يومك هذا فقال أنس: والله لأحدثن ما دمت حيا وما كتمته فأني قد شهدته فقال الحجاج: أخرجوه عني فإنه قد خرف وذهب عقله أقول: ان الحجاج مع تلك القساوة والشقاوة التي قد بلغ قتلاه مئة وعشرين الف رجل وأراق دماءهم وأخذ منهم نفوسهم لم يرض بأن يقتل أنس بن مالك لانتسابه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأنه خادم رسول الله وأقسى قلبا وأشقى من هذا الشقي عبيد الله بن زياد (لع) إذ قتل الحسين وهو فلذة كبد رسول الله وقتل شيعته وأخوته وأهل بيته شر قتلة ثم كتب بان يدوسوا الحسين بحوافر خيولهم، ولم يبق منهم إلا ابن واحد وهو إمامنا السجاد وكان مريضا وما رق قلبه عليه حتى أراد قتله وسفك دمه أيضا ونادى بجلاوزته أخرجوه وأضربوا عنقه فسمعت عمته زينب فتعلقت به وقالت: ويلك يا بن زياد انك لم تبق منا أحدا حسبك من دمائنا والله لا أفارقه فإن قتلته فاقتلني معه.
لا والد لي ولا عم ألوذ به * ولا أخ لي يبقى أرجوه ذو رحم أخي ذبيح ورحلي قد أبيح وبي * ضاق الفسيح وأطفالي بغير حمى