على الحركة، ولم يزل يضرب ويطعن ويرمى حتى يموت وكان الله قد شاء ان هذه المرأة الصالحة تتأسى بالحسين (ع) لأنه أيضا قتل صبرا كما قال زين العابدين (ع) في خطبته بالكوفة: انا ابن من قتل صبرا وكفى بذلك فخرا، والحاصل لما صفي لمصعب العراق واخذ البيعة من أهلها لأخيه خرج إلى الشام لحرب عبد الملك وانفاذ أمره في أهله، وسار حتى وصل بباحميرا ففي ذلك يقول الشاعر:
أبيت يا مصعب الأسيرا * في كل يوم لك بباحميرا وبعث إليه عبد الملك بعساكر مصر والجزيرة والشام، والتقوا بمسكن قرية من أرض العراق وعلى مقدمة جيش عبد الملك الحجاج بن يوسف الثقفي وعلى جيش مصعب إبراهيم بن الأشتر النخعي، فكاتب عبد الملك رؤساء أهل العراق الذين كانوا بعسكر مصعب وغيرهم وهو يمنيهم ويرغبهم ويرهبهم، فلما تلاقوا العسكران أخذوا يقاتلون حتى غشيهم المساء فأشرف إبراهيم بن الأشتر على الفتح فذكر أهل العراق الذين كانوا معه ما كتب إليهم عبد الملك من الوعد والوعيد، فأخذوا يمينا وشمالا حتى بقي إبراهيم وليس معه إلا عدد يسير، فدارت به الرجال وازدحم إليه أهل الشام حتى أثخنوه بالجراح وسقط عن جواده، وقطعوا رأسه وأتي بجسد إبراهيم بين يدي عبد الملك. ثم اخذ الجسد مولى الحصين بن نمير وجمع حطبا وأحرقه بالنار.
فلما قتل إبراهيم بقي مصعب وحيدا وتفرق عنه جميع ما كان معه إلا سعد واحد منهم عيسى ابنه فقال له: يا بني أركب وأنج بنفسك والحق بمكة بعمك وأخبره بما صنع بي أهل العراق ودعني فأني مقتول فقال له: لا والله لا تتحدث بنا قريش أني فررت عنك فقال له: أما إذا أبيت فتقدم امامي حتى أحتسبك فتقدم عيسى وقاتل حتى قتل، وخر إلى الأرض وبقي مصعب بلا ناصر، وجاء محمد بن مروان إلى أخيه عبد الملك وسأله ان يؤمن مصعبا، فاستشار عبد الملك من حضره فقال علي بن عبد الله بن عباس:
لا تؤمنه، وقال خالد بن يزيد بن معاوية: بل أمنه وارتفع الكلام بين علي وخالد حتى تسابا فأمر عبد الملك أخاه أن يمضي إلى مصعب ويؤمنه، فمضى محمد بن مروان إلى مصعب وقال: أمنك أمير المؤمنين على نفسك ومالك وكل ما أحدثت وأن تنزل أي البلاد شئت فبينما هو يكلمه إذ أقبل رجل من أهل من أهل الشام إلى عيسى بن مصعب ليجتز رأسه فقام إليه مصعب من قفاه حتى قتله، فأقبل إليه عبد الله بن ظبيان وكان أولا في جيش مصعب