عندي سفك الدماء، ولقد قتل من الناس مئة الف وعشرين ألفا سوى من قتل في الحروب ولما مات وجد في سجنه ثلاث وثلاثين ألفا ما يجب على أحد قتل ولا قطع ولا صلب وان سجنه كان حائطا لا سقف فيه فإذا آوى المسجونون إلى الجدران يستظلون من الشمس رمتهم الحرسة بالحجارة، وكان يطعمهم خبز الشعير مخلوطا بالملح والرماد، وكان لا يلبث الرجل في سجنه حتى يسود ويصير كالزنجي حتى أن غلاما حبس فيه فجائت إليه أمه بعد أيام لتعلم ما حاله فلما تقدم إليها أنكرته وقالت: ليس هذا أبني هذا زنجي فقال الغلام:
لا والله يا أماه أنا ابنك أنت فلانة وأنا فلان فلما عرفته شهقت وماتت ومدة استيلائه على الناس عشرين سنة وآخر من قتل سعيد بن جبير فوقعت الاكلة في بطنه وأخذ الطبيب لحما شده في خيط وأمره بابتلاعه ثم استخرجه من بطنه، وإذا قد لصق به دود كثير فعلم إنه غير ناج، وقيل: ان اللعين أمر برمي الكعبة ونصب المنجنيق فجائت صاعقة وأحرقت المنجنيق فتقاعد أصحابه عن الرمي فقال اللعين: لا عليكم من ذلك فإن هذا يدل على أن فعلكم مقبول.
وفي مدينة المعاجز روى علي بن بابويه القمي في كتاب الأربعين بأسانيد معتبرة عن الحسن البصري قال: دخلت على الحجاج فقال اللعين: يا حسن ما تقول في أبي تراب علي بن أبي طالب؟ قلت: في أي حالاته؟ قال: من أهل الجنة أم من أهل النار؟ قلت:
ما دخلت الجنة فأعرف أهلها ولا دخلت النار فأعرف أهلها وأني لأرجو أن يكون من أهل الجنة لأنه أول الناس بالله ورسوله إيمانا وزوج بنت رسول الله وأبو الحسن والحسين، وبلاؤه في الاسلام مع رسول الله ونصره لرسول الله، وما انزل الله تعالى فيه من الآيات قال: ويحك يا حسن انه قتل المسلمين يوم الجمل ويوم صفين وقد قال الله تعالى:
(ومن قتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها) ثم قال: هو من أهل النار وكان أنس ابن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالسا فقام أنس مغضبا وقال: يا حجاج ألجأتني وأغضبتني أشهد اني قائم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد مكث رسول الله ثلاثة أيام لم يطعم اتاه جبرائيل بطير مشوي يخرج منها الدخان على خبزة بيضاء فقال: يا محمد ربك يقرأك السلام وهذه تحفة من الله إليك فكلها فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم رفع رأسه فقال:
اللهم أيتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر إذ أقبل علي بن أبي طالب فضرب الباب فخرجت إليه فقال لي أستأذن لي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: ان رسول الله