ابن زنباع مزاحا لطيفا وهو جليس عبد الملك ونديمه فرأى من عبد الملك اعراضا وجفوة فقال لابنه الوليد: أما ترى ما أنا فيه من أمير المؤمنين باعراضه عني بوجهه حتى لقد فغرت السباع بأفواهها نحوي وأهوت بمخاليبها إلى وجهي فقال له الوليد: احتل له في حديث تضحكه به كما احتال مرزبان نديم سابور بن شابور ملك فارس قال روح: وما كان من خبره مع الملك؟ قال الوليد: كان المرزبان هذا نديم سابور فظهرت له من سابور جفوة فلما علم ذلك تعلم نباح الكلب وعي الذئاب، ونهيق الحمار، وزقاء الديوك، وشحيح البغال، وصهيل الخيل ونحو ذلك ثم توصل إلى موضع يقرب من مجلس خلوته وفراشه يعني سابور وأخفى اثره فلما خلا الملك نبح مرزبان نباح الكلب فلم يشك الملك إنه كلب فقال الملك: ما هذا؟ فعوى عي الذئاب فنزل الملك عن سريره فنهق نهيق الحمار فمضى الملك هاربا ومضى الغلمان يتبعون الصوت فكلما دنوا منه ترك ذلك الصوت واحدث صوتا آخر من أصوات البهائم فاجتمعوا عليه واخرجوه وإذا هو مرزبان فضحك الملك ضحكا شديدا وقال له: ويلك ما حملك على هذا؟ قال: ان الله مسخني كلبا وحمارا وكل حيوان لما غضبت علي، فأمر الملك بالخلع عليه ورده إلى مرتبته فقال: روح للوليد إذا اطمأن المجلس بأمير المؤمنين فاسألني عن عبد الله بن عمر هل كان يمزح أو يسمع مزاحا قال الوليد: افعل ذلك، وكان ابن عمر صاحب سلامة لا يمزح ولا يعرف له شئ من المزاح فتقدم الوليد وسبق بالدخول فتبعه روح فلما اطمأن المجلس بهما وجلس عبد الملك على سريره قال الوليد لروح: يا أبا زرعة هل كان ابن عمر يمزح أو يسمع المزاح؟ قال روح:
حدثني ابن عتيق ان امرأته عاتكة بنت عبد الرحمن المخزومية هجته فقالت:
ذهب الاله بما نعيش به * وقمرت عيشك إيما قمر أنفقت مالك غير محتشم * في كل زانية في خمر وكان ابن عتيق صاحب غزل وفكاهة فاخذ هذين البيتين في رقعة وخرج فإذا هو بابن عمر فقال: يا عبد الرحمن انظر في هذه الرقعة واشر علي برأيك فيها فلما قرأها عبد الله استرجع وقال: الرأي ان تعفو وتصفح قال: والله يا أبا عبد الرحمن لان لقيته بمكان لأنيكنه نيكا جيدا فأربد عبد الله لونه وأخذته الرعدة وقال: مالك غضب الله عليك قال:
ما هو إلا ما قلت لك فافترقا فلما كان بعد أيام لقيه عبد الله فأعرض عنه فقال ابن أبي عتيق:
يا أبا عبد الرحمن إني لقيت صاحب البيتين ونكته نيكا جيدا فصعق عبد الله فلما رأى ابن