يا أيها القبر بحوارينا * ضممت شر الناس أجمعينا وكان ابن ثلاث وثلاثين سنة، وبعده معاوية بن يزيد بن معاوية، وفي مروج الذهب وكان مدة أيامه أربعين يوما إلى أن مات وكان يكنى بأبي يزيد، وكني حين ولي الخلافة بأبي ليلى وكانت هذه الكنية للمستضعفين من العرب وفيه يقول الشاعر:
اني أرى فتنة هاجت مراجلها * الملك بعد أبي ليلى لمن غلبا ولما حضرته الوفاة اجتمعت إليه بنو أمية فقالوا له: أعهد إلي ما رأيت من أهل بيتك فقال: والله ما ذقت حلاوة خلافكم فكيف أتقلد وزرها تنتحلون أنتم حلاوتها وأتعجل مرارتها، اللهم إني برئ منها، متخل عنها، اللهم إني لا أجد نفرا كاهل الشورى فأجعلها إليهم ينصبون من يرونه أهلا لها فقالت أمه: ليته انك خرقة حيضة ولم اسمع هذا الكلام فقال لها: وليتني خرقة حيضة ولم أتقلد هذا الامر أتفوز بنو أمية بحلاوتها وأبوء بوزرها ومنعها أهلها كلا أني لبرئ منها فمات وهو ابن اثنتين وعشرين سنة، ودفن بدمشق واختلف في سبب وفاته فقيل: انه مات حتف انفه، وقيل سقي شربة مسمومة، وقيل: انه طعن وقبض من ذلك وصلى عليه الوليد بن عتبة بن أبي سفيان ليكون الامر له بعد، فلما كبر الثانية طعن وسقط ميتا قبل تمام الصلاة فقدم عثمان بن عتبة بن أبي سفيان وصلى عليه: وزال الامر عن آل أبي سفيان فلم يكن فيهم من يرومها ولا يرتجى أحد منهم لها فعند ذلك قام عبد الله بن الزبير ودعى الناس إلى نفسه ومبايعته بمكة، وكان مروان بن الحكم لما نظر إلى اطباق الناس وهم على مبايعة ابن الزبير، وأجابتهم له أراد ان يلحق بابن الزبير ويبايعه فمنعه عبيد الله بن زياد وقال: انك شيخ بني عبد مناف فلا تعجل، ثم دخل عليه عمرو بن سعيد بن العاص فقال لمروان: هل لك فيما أقول فهو خير لي ولك قال مروان: وما هو؟ قال: ادعوا الناس إليك وأخذها لك على أن تكون لي من بعدك فقال مروان: لا بعد خالد بن يزيد بن معاوية فرضي عمرو بن سعيد فدعي النساء إلى بيعة مروان فأجابوا.
قال المسعودي في مروج الذهب: وبويع مروان وتمت بيعته، وكان مروان أول من أخذها بالسيف كرها بغير رضا من عصبة الناس بل لخوف، وكان مروان يلقب بخيط باطل ويكنى أبا عبد الملك ففيه قال الشاعر:
لحا الله قوما أمروا خيط باطل * على الناس يعطي ما يشاء ويمنع