موسى تكليما وقوله: وناداهما ربهما وقوله: يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة فأما قوله ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب فإنه ما ينبغي لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا وليس بكائن 1) إلا من وراء حجاب، أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء، كذلك قال الله تبارك وتعالى علوا كبيرا، قد كان الرسول يوحى إليه من رسل السماء فيبلغ رسل السماء رسل الأرض 2)، وقد كان الكلام بين رسل أهل الأرض وبينه من غير أن يرسل بالكلام مع رسل أهل السماء، وقد قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: يا جبرئيل هل رأيت ربك، فقال جبرئيل: إن ربي لا يرى، فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله: فمن أين تأخذ الوحي؟ فقال: آخذه من إسرافيل فقال: ومن أين يأخذه إسرافيل؟ قال: يأخذه من ملك فوقه من الروحانيين، قال: فمن أين يأخذه ذلك الملك؟ قال: يقذف في قلبه قذفا، فهذا وحي، وهو كلام الله عز وجل، وكلام الله ليس بنحو واحد، منه ما كلم الله به الرسل، ومنه ما قذفه في قلوبهم، ومنه رؤيا يريها الرسل، ومنه وحي وتنزيل يتلى ويقرأ، فهو كلام الله، فاكتف بما وصفت لك من كلام الله، فإن معنى كلام الله ليس بنحو واحد فإن منه ما يبلغ به رسل السماء رسل الأرض، قال: فرجت عني فرج الله عنك، وحللت عني عقدة فعظم الله أجرك يا أمير المؤمنين.
____________________
1) قوله (وليس بكائن) تأكيد للنفي السابق، وهو قوله (ما ينبغي لبشر أن يكلمه الله) وليس بكائن كلام الله معه الا وحيا أو من وراء حجاب.
2) المراد من رسل الأرض جبرئيل عليه السلام ونحوه، وبرسل السماء إسرافيل والروحانيون ممن لا ينزل إلى الأرض لتبليغ الرسالة.