____________________
لما ألزمهم الحجة بعقولهم على حدثهم ووجود محدثهم قال لهم: ألست بربكم؟
فلما لم يقدروا على الامتناع من لزوم دلائل الحدث لهم كانوا كقائلين: بلى شهدنا.
وقوله تعالى: (أن يقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو يقولوا إنما أشرك آبائنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون) ألا ترى انه احتج عليه بما لا يقدرون يوم القيامة أن يتأولوا في إنكاره ولا يستطيعون، وقد قال سبحانه: والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب (1) ولم يرد أن المذكور يسجد كسجود البشر في الصلاة وإنما أراد به أنه غير ممتنع من فعل الله، فهو كالمطيع لله وهو معبر عنه بالساجد.
وذكر طاب ثراه جملة من الشواهد على هذا المجاز، ثم قال: فأما الخبر بأن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام، فهو من أخبار الآحاد، وقد روته العامة كما روته الخاصة، وليس هو مع ذلك مما يقطع على الله تعالى بصحته، وإنما نقله رواته لحسن الظن به، وإن ثبت القول فالمعنى فيه أن الله تعالى قدر الأرواح في علمه قبل اختراع الأجساد، واخترع الأجساد واخترع لها الأرواح، فالخلق للأرواح قبل الأجساد خلق تقدير في العلم كما قدمناه، وليس بخلق لذواتها كما وصفناه، والخلق لها بالاحداث والاختراع بعد خلق الأجسام، والصور التي تدبرها الأرواح، ولولا أن ذلك كذلك لكانت الأرواح تقوم بأنفسها ولا تحتاج إلى الآت يعتملها، ولكنا نعرف ما سلف لنا من الأحوال قبل خلق الأجساد، كما نعلم أحوالنا بعد خلق الأجساد، وهذا محال لاخفاء بفساده.
وأما الحديث بأن الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف وما تناكر
فلما لم يقدروا على الامتناع من لزوم دلائل الحدث لهم كانوا كقائلين: بلى شهدنا.
وقوله تعالى: (أن يقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو يقولوا إنما أشرك آبائنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون) ألا ترى انه احتج عليه بما لا يقدرون يوم القيامة أن يتأولوا في إنكاره ولا يستطيعون، وقد قال سبحانه: والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب (1) ولم يرد أن المذكور يسجد كسجود البشر في الصلاة وإنما أراد به أنه غير ممتنع من فعل الله، فهو كالمطيع لله وهو معبر عنه بالساجد.
وذكر طاب ثراه جملة من الشواهد على هذا المجاز، ثم قال: فأما الخبر بأن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام، فهو من أخبار الآحاد، وقد روته العامة كما روته الخاصة، وليس هو مع ذلك مما يقطع على الله تعالى بصحته، وإنما نقله رواته لحسن الظن به، وإن ثبت القول فالمعنى فيه أن الله تعالى قدر الأرواح في علمه قبل اختراع الأجساد، واخترع الأجساد واخترع لها الأرواح، فالخلق للأرواح قبل الأجساد خلق تقدير في العلم كما قدمناه، وليس بخلق لذواتها كما وصفناه، والخلق لها بالاحداث والاختراع بعد خلق الأجسام، والصور التي تدبرها الأرواح، ولولا أن ذلك كذلك لكانت الأرواح تقوم بأنفسها ولا تحتاج إلى الآت يعتملها، ولكنا نعرف ما سلف لنا من الأحوال قبل خلق الأجساد، كما نعلم أحوالنا بعد خلق الأجساد، وهذا محال لاخفاء بفساده.
وأما الحديث بأن الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف وما تناكر