ليله ونهاره، فلما انصرف عن صلاته بوجهه وهو يسبح الله ويقدسه قلت: يا سيدي، هل [لك] (1) حاجة أعطيكها؟
قال: وما حاجتي إليك؟
قلت: إني أدخلت عليك لحوائجك قال: فما بال هؤلاء؟
قال: فالتفت فإذا روضة مزهرة لا أبلغ آخرها من أولها بنظري، ولا أولها من آخرها، فيها مجالس مفروشة بالوشي والديباج، وعليها وصفاء ووصائف لم أر مثل وجوههم [حسنا] (2)، ولا مثل لباسهم لباسا، عليهم الحرير الأخضر، والأكاليل والدر والياقوت، وفي أيديهم الأباريق والمناديل ومن كل الطعام، فخررت ساجدة حتى أقامني هذا الخادم فرأيت نفسي حيث [كنت] (3).
قال: فقال هارون: يا خبيثة، لعلك سجدت فنمت فرأيت هذا في منامك.
قالت: لا والله يا سيدي إلا قبل سجودي رأيت، فسجدت من أجل ذلك.
فقال الرشيد: اقبض هذه الخبيثة إليك، فلا يسمع هذا منها أحد، فأقبلت في الصلاة، فإذا قيل لها في ذلك قالت: هكذا رأيت العبد الصالح - عليه السلام -، فسئلت عن قولها (4) قالت: إني لما عاينت من الامر نادتني الجواري: يا فلانة، ابعدي عن العبد الصالح حتى ندخل عليه، فنحن له دونك، فما زالت كذلك حتى ماتت، وذلك قبل [موت] (5)