تضربني الأمواج، فألقتني الأمواج إلى البر فإذا أنا بأنهار (1) وأشجار، فنمت تحت ظل شجرة، فبينا أنا نائم إذ سمعت صوتا هائلا، فانتبهت فزعا مذعورا فإذا أنا بدابتين تقبلان (2) على هيئة الفرس، لا أحسن أن أصفها، فلما بصرا بي دخلتا في البحر، فبينما أنا كذلك إذ رأيت طائرا عظيم الخلق، فوقع قريبا مني بقرب كهف في جبل، فقمت مستنرا بالشجر حتى دنوت منه لأتأمله، فلما رآني طار وجعلت أقفو أثره.
فلما قمت بقرب الكهف سمعت تسبيحا وتهليلا وتكبيرا وتلاوة قرآن، فدنوت من الكهف فناداني مناد من أهل الكهف (3): ادخل يا علي ابن صالح الطالقاني رحمك الله، فدخلت وسلمت فإذا رجل فخم ضخم، غليظ الكراديس، عظيم الجثة، أنزع أعين، فرد علي السلام وقال: يا علي بن صالح الطالقاني، أنت من معدن الكنوز، لقد أقمت ممتحنا بالجوع والعطش والخوف، لولا أن الله رحمك في هذا اليوم فأنجاك وسقاك شرابا طيبا، ولقد علمت الساعة التي ركبت فيها، وكم أقمت في البحر، وحين كسر بك المركب، وكم لبثت تضربك الأمواج، وما هممت به من طرح نفسك في البحر لتموت اختيارا للموت لعظيم ما نزل بك، والساعة التي نجوت فيها، ورؤيتك لما رأيت [من] (4) الصورتين الحسنتين، واتباعك للطائر الذي رأيته واقعا، فلما رآك صعد طائرا إلى السماء، فهلم فاقعد رحمك الله.