صالحا ثم اهتدى] (1) ثم غاب عن عيني فلم أره.
فقلت: هذا رجل من الابدال (2)، وقد تكلم على سري مرتين، ولو لم يكن عند الله فاضلا ما تكلم على سري، ورحل الحاج وأنا معهم حتى نزلنا زبالة فإذا أنا بالفتى قائم على البئر وبيده ركوة يستقي بها ماء، فانقطعت الركوة في البئر، فقلت: صاحبي والله، فرأيته قد رمق السماء بطرفه وهو يقول:
أنت ربي إذا ظمئت من الماء * وقوتي إذا أردت الطعام إلهي وسيدي ما لي سواها فلا تعدمنيها.
قال شقيق: فوالله لقد رأيت البئر وقد فاض ماؤها حتى جرى على وجه الأرض، فمد يده فتناول الركوة فملأها ماء، ثم توضأ وأسبغ الوضوء وصلى ركعات، ثم مال إلى كثيب رمل أبيض فجعل يقبض بيده من الرمل ويطرحه في الركوة، ثم يحركها ويشرب.
فقلت في نفسي: أتراه قد تحول (3) الرمل سويقا، فدنوت منه، فقلت له: أطعمني رحمك الله من فضل ما أنعم الله به عليك، فنظر وقال لي: يا شقيق (4)، لم تزل نعمة الله علينا أهل البيت سابغة، وأياديه لدينا جميلة، فأحسن ظنك بربك فإنه لا يضيع من أحسن به ظنا، فأخذت الركوة من يده فشربت فإذا سويق وسكر، فوالله ما شربت شيئا قط ألذ