منه، ولا أطيب رائحة (1)، فشبعت ورويت وأقمت أياما لا أشتهي طعاما ولا شرابا، فدفعت إليه الركوة، ثم غاب عن عيني، فلم أره حتى دخلت مكة وقضيت حجي، فإذا أنا بالفتى في هدأة من الليل وقد زهرت النجوم وهو إلى جانب بيت فيه الشراب راكعا وساجدا لا يريد مع الله سواه، فجعلت أرعاه وأنظر إليه وهو يصلي بخشوع وأنين وبكاء ويرتل القرآن ترتيلا، فكلما مرت آية بها (2) وعد ووعيد رددها على نفسه ودموعه تجري على خده حتى إذا دنا الفجر جلس في مصلاة فسبح ربه وقدسه، ثم قام يصلي (3) الغداة وطاف بالبيت أسبوعا وقد خرج (4) من باب المسجد، فخرجت [فرأيت] (5) له حاشية (6) وموال (7)، وإذا عليه لباس خلاف الذي شاهدت، وإذا الناس من حوله يسألونه عن مسائلهم ويسلمون عليه، فقلت لبعض الناس أحسبه من مواليه: من [هذا] (8) الفتى؟
فقال لي: هذا أبو إبراهيم عالم آل محمد.
قلت: من (9) أبو إبراهيم؟