في علمه لذاته فحلم عن المعاجلة إذ هو محيط بها والعبد محجوب عن خطر ذنوبه بغفلاته، ومنها قوله (ع) ذهبت الأماني عند هذه الآية وكيف لا تذهب الأماني صريحة بذكر شرط استحقاق المقام بدار النعيم ومن هذا يسلم ركوب هذا الخطر العظيم، وكيف تسلم القلوب من إرادة مخالفة للمطلع عليها ومزيده لما لا يريد هو جل جلاله صرف الإرادة إليها أعان الله تعالى على قوة تطهير القلوب من سواه وتحميها ان تحرز منها ما لا يرضاه، ومنها ان الأبرار لا يؤذون الذرة كيف يكون حال من لا يخلوا من اذى نفسه وهي ملك الله وأذى غيره مما فوق الذرة والتهوين بالله المطلع على سره ونجواه ومثل على التحقيق لان اذى الذر وغيرها لغير مراد الله المالك الشفيق عبث وفساد وخلاف سبيل التوفيق، ومنها قوله (ع) انه يغفر للجاهل سبعين ذنبا قبل الغفران للعالم ذنب واحد فهو واجب للعقول لأن الجاهل ما جاهر الله في حفرة ذكره ولا عرفه جيدا ولا عرف قدر الذنب جيدا فهو يعصى من وراء ستارة جهله، والعالم بالله العامل عن المجاهرة بمعصية الله كالمستخف والمستهزء بالمطلع علم الذاكر انه بين يديه وكم بين من يعصى سلطانا خلف بابه وبين من يعصيه مواجهة غير مكترث لغضبه وعقابه ومستخف بحضرته واذائه لا حول ولا قوة الا بالله، ومنها قوله عليه السلام ان حد الزهد ان لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما اتاكم وهذا شرط هائل وخطر ذاهل وما أرى هذا يصح الا لمن لا يكون له إرادة مع مولاة بل يكون متصرفا في الدنيا كالخازن والوكيل وإنما يتصرف به جل جلاله ولله تعالى ومنفدو امره الشريفة فيما يرضاه وهو يحتاج إلى قوة ربانية ورحمة الهية، ومنها قوله (ع) اتق الله حيث كنت فإنك لا تستوحش وللامر على هذه الوصية لأن المتقى للعظمة الإلهية قوى بها غريزتها مستغن بها مستأنس بها جليس لها محمي بها فمن ذا يقدر أو يقوى عليها حتى توحش من انضم بقلبه وقالبه إليها وكيف يستوحش من ظفر باقبال الله تعالى عليها وهو يريد المخلوق من التراب بدلا أو جلسا
(٨٩)