قوله تعالى وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحبائه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء فقال البلخي بلفظه ومن مشهور مذهب النصارى وفيما يتلون من كتابهم ان المسيح قال اذهب إلى أبى وأبيكم وقد يجوز ان يكون لم يقولوا نحن أبناء الله وأحبائه بهذا اللفظ ولكن قالوا ما معناه فأخبر الله عن المعنى بلفظ غير لفظهم فيقال للبلخي ان هذا التأويل ممكن كما أن لفظهم وربما كان عبرانيا أو سريانيا ولفظ القران عربي ويمكن انهم قالوا ما يقتضى صورة اللفظ كما حكاه الله تعالى عنهم ويكون المراد بقول الله تعالى نحن أبناء الله عن النصارى لظهور ذلك في الإنجيل واعترافهم بالتلفظ به وقوله تعالى وأحبائه عن اليهود فيجعل الوصف لكل فريق منهم ولما يليق بظاهر حالهم أو يقول إنه كان لهم سلف اليهود والنصارى يقولون ذلك والخلف يقولون السلف فكانت ولايتهم لهم مشاركة لهم فيما كانوا يقولون وكالموافقة لما كانوا يعتقدون ثم قال البلخي ما هذا لفظه وفي هذه الآية أعظم حجة على من أنكر الوعيد من المرجئة وأجاز ان يعذب الله من لم يخرجه ذنبه من الأيمان ولا زال ولايته وذاك ان المرجئة تزعم أن الفساق مؤمنون وتزعم ان الله تعالى مع ذلك قد يجوز ان يعذبهم في النار، ومنهم من يقول إنه يجوز ان يخلدهم وهذا ما أنكره الله عن اليهود نفسه.
يقول علي بن موسى بن طاووس: من أمر البلخي قال إن في هذا أعظم حجة اما ترى التعصب للعقائد كيف يبلغ إلى هذا الحد الفاسد ولو ادعى ان فيه حجة ولا يقول أعظم حجة كان فيه بعض الشبهة وهل في ظاهر الآية شئ مما قاله لان صفة الولاية والمحبة التي تكون حقيقة مطلقة انه ما يكون لهم ذنب أصلا فكان الله جل جلاله رد عليهم وقال لو كنتم أحباءه من كل وجه كيف كان يعذبكم بذنوبكم والا فكيف يكون وليا من جانب طاعته وعدوا من جانب ذنوبه ومعصيته أو يكون حبيبا من جانب رضاه وعدوا من جانب سخطه ومفارقته فيكون وليا أو حبيبا من سائر جهاته فأنكر