يا حفص ان الله يغفر للجاهلين سبعين ذنبا قبل ان يغفر للعالم ذنبا واحدا من تعلم وعلم وعمل بما علم دعى في ملكوت السماوات عظيما فقيل تعلم لله وعمل لله وعلم لله قلت جعلت فداك فما حد الزهد الدنيا، فقال حد الله ذلك في كتابه فقال لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما اتاكم ان اعلم الناس بالله أخوفهم لله وأخوفهم له وأعلمهم به وأعلمهم به أزهدهم فيها، فقال له رجل يا بن رسول الله أوصيني، فقال (ع) اتق الله حيث كنت فإنك لا تستوحش.
يقول علي بن موسى بن طاووس: رأيت في تفسير الطبرسي عند ذكر هذه الآية قال وروي عن أمير المؤمنين أنه قال إن الرجل ليعجبه أن يكون شراك نعله أجود من شراك نعل صاحبه فيدخل تحتها، واعلم أن في هذا الحديث الذي رواه على بن إبراهيم والآية الشريفة أمور ينبغي للعاقل الاستظهار لمهجته في السلامة منها بغاية طاقته.
منها قوله تعالى: [ان الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا] فقد صار الحرمان للجنان متعلقا بإرادة العلو والعصيان قبل مباشرته بالجنان أو الأركان وهذا حال خطر عظيم الشأن فليحفظ الانسان بالله جل جلاله سراير قلبه وتطهيره بالله والتوبة والاستغفار من مهالك دينه، ومنها قوله (ع) انه نزل الدنيا منزلة الميتة يأكل منها كل مضطر وهذا حال عظيم يدل عليه العقل المستقيم لأنها شاغله عن الله وعليه وعد الآخرة فإذا لم يعرف الانسان قدر ما يريد الله ان يأخذ منها فلتكن كالميتة عنده فهو يسير في طلب السعادة الدائمة الباهرة أو حفظ حرمة الله القاهرة، فإن لم يعرف العبد ما ذكر (ع) فليستعن الانسان بالله تعالى في تعريفه بمراده أما بالالهام أو طريق من طرق ارشاده، ومنها ان قوله (ع) ان الله علم ما هم إليه صائرون فحلم عنهم وهو معنى شريف لأن الله تعالى أحاط علما بالذنب وعقوبته فهو يرى من أفق علم الغيوب أهل الذنوب في المعنى وهم في العذاب والنيران وانهم ساعون إلى الهلاك والهوان والغايب عنه كالحاضر