أراد في مجرد العربية أو هذه الآية فإن كان أراد مجرد العربية من أين عرف ان مراد الله تعالى في هذه الآية مجرد العربية دون معنى غيرها زائد عليها وإن كان أراد هذه الآية فتهكم وتهجم على الله ولعل المراد بذكر ما بينهما ولم يقل ما بينهن ان الحديث في هذا القرآن الشريف مع بني آدم وهم بين السماوات والأرضين وليسوا ساكنين بين طبقاتها فكان لفظ بينهما أبلغ في المراد وأحق بالتأويل.
فصل فيما نذكره من الجزء السابع من كتاب الفراء من سادس عشر سطر وجهة ثانية بلفظه قدروها يريد قدر الكأس على ري أحده لا فضل فيه ولا عجز عن ربه وهو ألذ الشراب وقد روى بعضهم عن الشعبي قدروها تقديرا والمعنى والله أعلم وأجل قدره لهم وقدروا لها يقال للفراء من أين عرفت ان الله تعالى يريد تقدير الشراب بل الكأس ولو كان المقصود بتقدير الشراب لكان يقول قدروه تقديرا والتأنيث الحقيقي في اللفظ يقتضى انها الكأس دون الشراب.
يقول وليس المراد من تقدير الكأس مجرد الشرب منه فان النظر للكأس إذا كان جميلا في التقدير ومكملا في التحرير كان أطيب للشرب منه فان عين الشارب تقع على الكأس قبل الشراب ولو قال الفراء يحتمل أن يكون تقدير الكأس على قدر ذلك المقام وعلى قدر الانعام والاكرام كان أليق بالافهام وقال الفراء في ثاني سطر من الوجهة الثانية في بعض تفسيره ما هذا لفظه شرابا طهورا يقول هو طهر ليس بنجس لما كانت في الدنيا مذكورة بالنجاسة فيقال للفراء أنت قدوة في اللغة والعربية فهلا قلت طهورا بلفظ المبالغة تقتضي أبلغ صفات الطهارة في نفسه ويطهر من يشربه بان يزيدهم طهورا إلى طهورهم ولا يحوجهم إلى بول ولا طهارة منه لأن شراب الدنيا يصير بولا نجسا وكان هذا موضع المنة عليهم دون ما ذكره الفراء ولو أردنا ذكر ما في كتابه من الاخذ عليه كنا قد خرجنا عما قصدنا إليه لكن هذا بحسب ما يقع اختيارنا عليه.