ذكر ما يحتمله خلق الأكواب والمنة بها على عباده في كثير من كتابه فإنه ربما احتمل ان الله تعالى لما كان الناس في الحياة الدنيا يستعملون الأباريق ويتكلفون رفعها بأيديهم احتاجوا إلى عروة ولها ولما كان أهل الجنة إذا أرادوا شيئا كان فان شاؤوا ان يصعد الأكواب إلى أفواههم ليشربوا منها بغير امساك منهم لها كان ذلك فجعل في الجنة ما ليس له عروة لمن يريد الشرب منه بغير امساكه.
أقول: وذكر الفراء في تفسير قل أوحى من السطر الثامن بلفظه ان الشياطين لما رجمت وحرست منها السماء قال إبليس هذا شئ قد حدث فبث جنوده في الآفاق وبعث تسعة منهم من اليمن إلى مكة فأتوا النبي فوجدوه وهو ببطن نخلة قائما يصلى ويتلو فأعقبهم ورقوا له واسلموا فكان من قولهم ما قصه الله تعالى في هذه السورة.
أقول: في هذه القصة عبرة أن يكون رسل إبليس سعادتهم في طي شقاوتهم وسعادة الغلمان والاتباع لشقاوة سلطانهم المطاع وان الجن تطيع مع قوتها وكثير من بني آدم مع ضعفهم ماتوا على الكفر والامتناع وان إبليس مع قوة معرفته وحيلته اختار لطاعته من كان لمعصية فكيف يصلح الثقة باختيار من هو دونه في بصيرته.
فصل فيما نذكره من كتاب قطرب في تفسير ما ذهب إليه الملحدون عن معرفته من معاني القرآن من نسخة عتيقة تأريخها سنة تسع وأربعمائة من رابع كراس من رابع قائمة من الوجهة الثانية بلفظه ومن سأل عن قوله ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لادم فكيف جاز أن يقول ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لادم قبل خلقهم وتصويرهم وثم إنما يصير الثاني بعد الأول إذا قلت اكلت رطبة ثم ثمرة كانت الثمرة المأكولة اخرا فبما يجاز ذلك قلنا جوازه على شيئين أحدهما خلقناكم خلقنا أباكم آدم لأنه أصلهم الذي منه كانوا فيكون خلقه آدم هو خلقه لولده كما يقول فضحناكم وقتلناكم وهزمناكم يوم