أقول: واما قول عبد الجبار يدل على وجوب النظر والتدبر في الأمور والأدلة افتراه يعتقد انها تدل على النظر الواجب قبل بعثه الرسول وقبل القران لأنه قد أطلق القول بأنها تدل على النظر في الأمور وليس في الآية ما يقتضى ذلك العموم وهب أنها تقتضي نظر السامع للتلاوة في المعنى الذي تسمعه وتفكره من أين لزم من ظاهر هذا وجوب النظر والتفكر في الأمور والأدلة والخوف والخشية في الآية مختصان بالذي يسمع التلاوة فيما يسمع.
فصل فيما نذكره من متشابه القرآن تأليف أبي عمر أحمد بن محمد البصري الجلال من الوجهة الثانية من القائمة التاسعة بما نذكره من لفظه وزيادة قال ومما تعلقوا به قوله سبحانه ماذا أراد الله بهذا مثلا يضل به كثيرا ويهدى به كثيرا وما يضل به الا الفاسقين قالوا فهلا قد تضمن انه يضل بالقرآن ويهدى به فقال الجلال ما معناه ان هذه الآية تدل على بطلان قولهم لأنه لو كان القرآن اضلالا ما كان قد سماه هدى ورحمة وبيانا في مواضع كثيرة.
أقول: والجواب يحتمل زيادات وهو انه لعل الحكاية في أنه يضل به كثيرا ويهدى به كثيرا عن قول الذين قالوا ما ذا أراد الله بهذا مثلا يعنون ان هذا المثل يضل به ويهدى به كثيرا وتكون الكناية بقوله به إلى المثل ويقال للمجبرة لو كان المعنى مثلا ان الله تعالى قال يضل بالقرآن كثيرا ويهدى به كثيرا وما يضل به الا الفاسقين فهل يبقى بعد تخصيصه ان الضلال مختص بأعدائه الفاسقين سؤال السائل أو شبهة المعترض والعقل والعدل يقضى ان العدو إذا طرد عن أبواب عدوه وأضل عنها كان ببعض ما يستحقه بعداوته بل إذا قنع منه بالاضلال دون تعجيل الاستيصال كان ذلك عدلا ورحمة وفضلا ويقال أيضا ان هذه الآية إذا حملناها على ظاهر ما ذكرتم وان الضمير راجع إلى القرآن الشريف فهو أيضا خلاف دعواكم وخلاف عقيدتكم لأنكم تزعمون أن الضلال من الله