والوعد حقيقة لما ينفع الموعود به وكثيرة ولهذا قال الشاعر:
فإنك ان أوعدتني ووعدتني * لتخليص ايعادي وتنجيز موعدي أقول: لعل المراد انه لما كان هذا القول من الله تعالى لهم في الحياة الدنيا ليردعهم بذلك عن الكفر والنفاق فقد صار نفعا لهم باطنا وسعادة لهم ان قبلوها باطنا وظاهرا لان الوعيد إذا أخرجه صاحبه ليخرج من يوعده مما يستحق به الوعد فقد صار باطنه وعدا وإن كان ظاهره وعدا أقول: وما قول الرماني ان كل نفاق كفر فعجيب فان النفاق قد يكون كفرا وقد يكون فسقا واما لعل المراد انه جل جلاله يكشف بذلك ان النفاق المقتضى للكفر أعظم من الكفر بغير نفاق فان المنافق مستهزءا بالله تعالى وبرسوله فقد جمع كفره بالله استهزاء زائد على كفره ولعله هو أعظم من الكفر فان المنافقين في الدرك الأسفل من النار.
أقول: وفي ذكر المنافقات مع المنافقين واقراره الكفر للرجال لعل المراد به معنى زائد أو قال إن النفاق يدخل فيه النفاق لضعفهن وعجزهن في الغالب عن المجاهرة اظهار بالكفر وان اظهار الكفر والمجاهرة له في الغالب يكون من الرجال وهم الذين يقولون النساء على الكفر فكان ذكر الرجال بالكفر دون النساء أشبه بظاهر أحوالهم.
أقول: ولعل لقوله تعالى ولهم عذاب مقيم بعد تقديم خلودهم في النار معنى زائد أو دال على أن الخلود في جهنم قد يحتمل أن يكون أهلها بعضهم أخف عذاب من بعض وفي القرآن والسنة شاهد على ذلك فلما قال جل جلاله ولهم عذاب مقيم فكأنه قد آيسهم من تخفيف العذاب عنهم.
فصل فيما نذكره من كتاب معاني القرآن تصنيف علي بن سليمان الأخفش من الوجهة الأولة من سورة النور من خامس عشر سطر منها بلفظه درى مضئ كالدر.
أقول: من أين قال إن المقصود بالتشبيه الإضاءة وليس الدر في إضاءته مقصودا حتى يقع التشبيه به وهلا قال إن الكوكب صافي البياض